اسئلة كثيرة طرحت حول اختطاف المطرانين السوريين. البعض رأى فيها تسعيرا للنار الطائفية، والبعض رأى فيها امرا متصلا ألا وهو تهجير المسيحيين السوريين، ضمن خطة إفراغ المشرق من مسيحييه. الخطة التي سرت في فلسطين ومن ثم العراق والان مصر.
في حين أن البعض الآخر قد قال بان في ذلك رسالة للنظام السوري وحلفائه كون المطرانين ارثوذوكسيين، أي مؤيدين للحكم ولروسيا.
غير أن من تابع حديث المطران اليازجي لقناة الميادين قبل يومين من اختطافه يفهم وجها آخر للقضية. فماذا قال المطران السرياني؟
قال إن رجب طيب اردوغان وداود اوغلو قاما بدعوته الى تركيا، وهناك عرضا عليه إعادة السريان الى قراهم ومدنهم التي طردوا منها على يد الاتراك اثر مجازر بشعة، أعادتهم الى ارض اجدادهم وتعويضهم ومنحهم الجنسية التركية. كل ذلك لقاء تصريح من المرجع الديني لهم، بأنهم غير آمنين على وجودهم في سورية ويريدون العودة الى تركيا. المطران قال إنه رفض، اولا لاسباب مبدئية، فما هو مبرر التخلي عن الوطن الام – بحسب تعبيره- وهو يعيش ازمة مؤامرة على وجوده؟ اضافة الى أنه: من الذي يضمن الوعود التركية؟ ومن الذي يضمن الا تحول انقرة هجرة هؤلاء الى مخيمات لجوء شبيهة بما فعلته بالسكان الآخرين؟
الرفض وحده يكفي ليصبح الرجل موضع استهداف، فكيف الحال إذا خرج الى الملأ ليعلن ما حدث؟
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن عدد السريان في العالم يزيد على ثمانية ملايين، وأن المرجع الديني لهؤلاء هو معرة صيدنايا، لفهمنا معنى وخطورة أن تكون فاتيكان السريان على هذا الموقف، هذا إذا لم يفكر من هم وراء الخاطفين بأمرين: الاول كيفية إقامة دولة تكفيرية احادية مع وجود هؤلاء؟ والثاني: ماذا لو تحرك السريان كما يتحرك الارمن للمطالبة بكشف وإدانة المجازر التي ارتكبتها تركيا بحقهم، والمطالبة بتعويضات عن الاملاك التي فقدوها؟ وإذا كان عدد ضحايا الارمن يقارب المليون ونصف المليون، فإن إضافة السريان اليهم تجعل العدد يقفز فوق المليونين بكثير وبالتالي يتعدى عدد الضحايا المكتوب على مدخل معتقل اشويتز “اكثر من مليون”.
هل كان هتلر سيدان لو لم يخسر الحرب؟ وهل ستؤدي خسارة الرهان التركي في سورية الى إدانة العثمانيين الجدد وتحميلهم جريرة اجدادهم؟