كوريا قبل سورية ويالطا

شؤون دولية، 14-04-2013

أكلما أريد تدمير بلد عربي لوح العالم بفزاعات معروفة كي يتم فعل تسونامي العربي تحت غبار الكلام عن الآخرين؟ لم ننس محور الشر، وايران وكوريا على رأسه، حتى اذا جاءت أرضية التصدي له، كان العراق من دفع الثمن، وهدأت الزوبعة الشريرة لدى الشياطين الأخرى. اليوم تعود النغمة القديمة الجديدة: كوريا الشمالية وايران، لكن من يحصد الدمار هي سورية. وربما يقول بعضهم إن من أثار الأزمة الكورية الآن هو الطرف الند لأميركيين وليس هم.

هذا صحيح، ولكنها لم تثر كي تنشب حرب في شبه الجزيرة الكورية، على حدود الصين، وعلى مقربة من دول الاتحاد السوفييتي السابق. ثمة مواجهة حقيقية ولكنها المواجهة الاستباقية بخصوص المحيط الهندي واوراسيا. هي الاستراتيجية الأميركية الجديدة، قالتها السياسة الاميركية بلسان رئيسها ومنذ دورته الماضية: الاهتمام الآن يتحول الى المحيط الهندي، ولكن هل يمكن كسب معركة المحيط الهندي إن لم تكسب معركة الشرق الأوسط؟ إن لم يكسر الحلف الروسي – الصيني – الايراني – السوري، والكسر يكون عادة في الحلقة الضعيفة.

ليست سورية بلدا ضعيفا. ولكنها كذلك بالمقارنة مع الثلاث الأخريات، اضافة الى أن المواجهة على أرضها تقوم بأيدي أهلها وعربها ومسلميها، وهذان الآخران يدفعان التكاليف كاملة. اذا هي المعركة الاقل تكلفة للولايات المتحدة وللغرب في رهان السيطرة على المحيط الهندي وتطويق الصين وروسيا. هذا اضافة الى انها المعركة التي تريدها اليهودية العالمية بالحاح ومن دون تحفظ وربما جعلتها شرطا لدعمها لاية معركة أخرى.

سنتان، والنار تعلو وتتصاعد، ربما لأن المطلوب هو تصاعدها كي لا تبقي ولا تذر، وربما لأن الأطراف عاجزة فعلا عن الحسم على الأرض. فهل تبقى الدول العظمى التي تشكل الطرف الثاني في المواجهة مع الغرب مكتوفة اليدين منتظرة آخر احتمال في الأزمة السورية؟ أم أنها تسحب من الدرج ما لديها من أسلحة أخرى، وأولها وربما افعلها السلاح الكوري. صحيح ان واشنطن تريد المواجهة في المحيط الهندي وحول الصين، وصحيح انها منخرطة في هذا الصراع ولكنها لا تريده عسكريا. الم يعلن اوباما منذ خطاب تخفيض الميزانية العسكرية قبل عامين ونيف بان عهد الحروب الخشنة قد انتهى؟ واذا كانت الولايات المتحدة قد أوكلت لشركائها في الأطلسي أمر هذا النوع من الحروب – اذا ما اضطر الحلف الى ذلك – فان هذا التكليف يسري على دولة معدومة القوة مثل ليبيا او مالي، ولكنه يبقى فوق طاقة الاوروبيين وتجروئهم، وحتى تعقل بعضهم أن يغامروا في كوريا الشمالية… ان ذاكرة آسيا سوداء بشعة ولكنها مريرة بالنسبة لهم. ولذا فان تحريك هذا الملف وبقوة هو ورقة الضغط المثالية التي يمكن لروسيا والصين ان تحملاها في حقيبة التفاوض على يالطا الجديدة. يالطا سيكون الملف السوري واحدا من اهم ملفاتها، لكنه ليس الملف الحاسم.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون