زمن الرويبضة (1-2)

شؤون عربية، 21-04-2013

يوم منحت توكل كرمان جائزة نوبل للسلام، سالنا : من تكون السيدة؟ وما هي المؤهلات التي جعلت هذه الشابة تصل الى ما لم تصل اليه اية كاتبة او قائدة عربية؟ غير ان الاحداث المصيرية التي تعصف بنا انستنا الامر، خاصة واننا نعرف ظروف الجوائز العالمية وكيف تمنح، خاصة لعرب.

بالامس كانت المراة النوبلية تزور مخيما للاجئين فيما اسمته المناطق المحررة في ريف ادلب، وتنشر صورها على وسائل الاعلام وقد احتضنت طفلا والى جانبها اخر، في لقطة اخراج هوليودي مدروسة ومتناغمة مع التصعيد الدائر الان.  ومن ثم اصدرت بيانا تدين فيه ” الخذلان الاقليمي والدولي غير المعقول وغير المسبوق ابتداء بعدم توفير الحماية لهم والسماح لنظام بشار الاسد بتهجيرهم وهدم منازلهم وقراهم وأحياءهم، مرورا بعدم فعل شيء أمام المجازر والجرائم ضد الانسانية التي يرتكبها نظام بشار وتهجيره الجماعي للسكان الذي بلغ تعدادهم اكثر من خمسة مليون لاجئ.”. لم تلبث ان تلقفتها شاشة بي بي سي لتلعلع بالكلام نفسه عوضا عن الرد على اسئلة المذيعة او المحاورة المقابلة الناطقة الرسمية باسم اغاثة الامم المتحدة، ريم سالم.  ولتركز على نقطتين: عدم وجود حفاضات الاطفال، وعدم وصول المساعدات لانها تمر عبر ” نظام بشار الاسد “.  ففي الاولى يكفينا ان نسال : كم من النساء اليمنيات يعرفن حفاضات الاطفال الجاهزة؟ وحتى في بلادنا ومنها سوريا، منذ كم من السنين عرفنا هذا النوع من الحفاضات؟ وهل، عندما نتكلم فعلا عن ماسي انسانية يكون هذا الجانب مطروحا للبحث؟ ام ان المطلوب اثارة اي موضوع يتعلق بالاطفال لما يعنيه ذلك في البروباغاندا الدولية وضرورات رسم صورة  الجرائم ضد الانسانية، التي كلفت كرمان على ما يبدو بالتحرك على خطها، بدلالة الصورة المنشورة ايضا.

باختصار من هي كرمان؟

هي عضو مجلس شورى حزب الاصلاح اليمني، المعادل لحزب النهضة في تونس وحزب الحرية والعدالة في مصر، اما مؤهلاتها فنموذجية لمن تريد الالتحاق بالركب الاميركي – الغربي، انطلاقا من منظمات التمويل الاجنبي الكفيلة بان تصنع منك نجما وبطلا ولو كنت صفرا. فقد بدات مسيرتها بالالتحاق بدبلوم الصحافة الاستقصائية في الولايات المتحدة – هذه البدعة الاعلامية التي اخترعوها لنا وخصصوا لها الملايين تتدفق على من يروجون لها ويستقطبون الشباب للتحول الى عملاء وجواسيس بشكل غير مباشر ( علما بان ممارستها في بلدان الغرب امر اخر، وان ممارستها بدون هذا الاسم كانت تتم في صحافتنا، ويمكن ان تتم لغير حساب من يريد تخريب مجتمعاتنا بالاطلاع على كل تفاصيلها. عادت من الولايات المتحدة لترأس منظمة صحفيات بلا قيود، ولنلحظ هنا ايضا ان الامر يجب ان يرتبط بتاء التانيث ( حقوق اللاعلاميات – تدريب الاعلاميات – منح الاعلاميات الخ…)، وذلك لا ياتي ايضا من باب الصدفة بل انه مدروس سيكولوجيا واجتماعيا وانتروبولوجيا، لظروف تجعل الشابات اسهل على الاستقطاب والتوظيف. بعدها هلت على كرمان الخيرات : دكتوراه فخرية من جامعة كندية، دعوات الى برامج ومؤتمرات  خارج اليمن، والاهم مشاركات في حوار الأديان( لاحوار الحضارات)، في اليمن.

هذا ما تقدمها به موسوعة ويكيبيديا، التي تنتقل الى تعداد منجزاتها :  ” كتبت مئات المقالات الصحفية في عديد من الصحف اليمنية والعربية والدولية. اختارتها مجلة التايم الأمريكية في المرتبة الأولى لأكثر النساء ثورية في التاريخ[، اختارها قراء مجلة التايم الأميركية في المرتبة 11 في تصويت قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم 2011، كما تم تصنيفها ضمن أقوى 500 شخصية على مستوى العالم، حصلت على جائزة الشجاعة من السفارة الأمريكية[، وتم اختيارها كأحد سبع نساء أحدثن تغيير في العالم من قبل منظمة مراسلون بلا حدود،  تم اختيارها في المركز الأول ضمن قائمة أفضل 100 مفكر في العالم من قبل مجلة فورين بوليسي،  مستشارة شرفية لوزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية في تونس منذ مايو 2012.”

لمحة بسيطة ونجد اان المنجز هو ما اعطي لهذه المراة لا ما فعلته، وكله من قبل طرف معين معروف. اما صورة المناضلة التي كان لا بد من رسمها فقد اقتصرت على خيمة نصبتها في ساحة صنعاء ضد النظام، كما فعل الاف الشباب العرب في كل ساحاتهم. وكي يصاغ لها تاريخ فان ويكيبيديا ومعها الكثير من وسائل الاعلام الغربية تطبل بان المناضلة الكبيرة اعتقلت يوم 24 وتم الافراج عنها يوم 24 ( خلال اقل من 24 ساعة).

اما جائزة نوبل فقصة اخرى كتب عنها  رئيس «رابطة حقوق الإنسان في اليمن» المحامي محمد علاو: إنه «رغم ترحيبي بأن تحوز امرأة يمنية جائزة نوبل، إلا أن الجائزة مفترض أن تمنح لمن تدعو للسلام، وليس لمن تدعو للقتل»، لافتًا إلى أنه «سيتم الكشف عمن وراء منح الجائزة لتوكل وكم تم دفع مبالغ لذلك». اما هي فقالت إن رئيس الوزراء القطري هو المسؤول العربي الوحيد الذي بعث لها ببرقية تهنئة بالمناسبة.

رؤيتها السياسية تتمثل في الدعوة الى فك الوحدة اليمنية وانفصال الجنوب، والى منع قيام اي حوار وطني مع اعتبار ان دورها في ساحة الحرية قد انتهى ولذلك فككت خيمتها لتتفرغ لامور اخرى ( ربما منها التوظيف الاعلامي ضد سوريا )  فيما تظهر صورها وهي تجول سائحة تعانق زوجها في الساحات العامة على الطريقة الغربية، في عواصم الغرب وتركيا.

ليكتب عادل العودي احد الصحافيين اليمنيين من شباب الثورة :

” توكل كرمان لم يعد لديها الوقت للجلوس في خيمتها , فكيف تستطيع المكوث في خيمة تتساقط عليها الامطار ولاتقيها من البرد في الشتاء او من الحرارة في الصيف , كيف تستطيع إن تري بعيونها الكحيلة أثر دماء علي جريح معدم لايتوفر معه قيمة قطعة شاش ينظف دماءه , وهي تسطيع كل يوم أن تسافر علي متن أحدث الطائرات المكيفة الاميرية الي نيويورك أو الدوحة أو أسطنبول أو القاهرة. وتقضي أحلي أوقات الرومانسية التي كانت محرومة منها في أرقي وأحسن الاماكن في وأشنطن أواسطنبول أو في باريس أو في الدوحة…!!!

كيف تستطيع ان تتحمل أحلام الشباب في الديمقراطية والحرية التي يدعونها وهي معجبة بديمقراطية النعجة حمد وديمقراطية العثماني أردوغان وديمقراطية مرسي. كيف تسطيع أن تتحمل صوت شباب الثورة بالكرامة والسيادة وهي معجبة بكرامة قاعدة العديد بالدوحة ومعجبة بمنصات باتريوت الغربية في تركيا.وجنود الكيان الاسرائيلي في شرم الشيخ وسيناء…!!!”

ليقل العودي ما يريد، فان كرمان حصلت ما تريد وعليها الان ان تسدد فواتيرها وكلما سددت اكثر كوفئت اكثر.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون