الرميلان والورد والحماية

اقتصاد سياسي، 28-04-2013

الغاز. الكل بات يعرف موقعه من النزاع بين الدولة السورية والمتمردين والمرتزقة. لكن رائحة الغاز جعلت كثيرين لا ينتبهون الى غليان النفط في مرجل هذه الازمة، الى أن برزت مؤخرا قصة الآبار التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة. حقل الرميلان هو اهم الحقول السورية النفطية – ثلث إنتاج سورية- ويقع تحت سلطة الحزب الديمقراطي الكردي الذي يشكل فصيلا من فصائل جبهة التنسيق الوطنية.

فرنسا المتعطشة لبلعة نفط لم تحصل عليها في العراق رغم مشاركتها في ضربه عام 1991، تتلمظ الآن على حقل سوري فتحاول أن تجمع في باريس التنظيمات التي تسيطر على حقول نفطية – وكما العادة منذ قرن – بحجة حماية الاقليات. اسبوع من المؤتمرات للتنسيق والتفاوض مع “الاقليات”، حول ماذا؟ هذه الاقليات مطالبة بمنح حقول النفط التي تسيطر عليها لفرنسا مقابل الحماية. ممن؟ من الدولة، وربما احداها من الاخرى. هكذا حصل في الخليج العربي ولم يخف احد لقب المحميات، وباسمه تقاسمت بريطانيا والولايات المتحدة النفط. شذ العراق عن السياق فتآمر الكل عليه ودمروه. الان تريد سورية أن تشذ، فتحاول اوروبا التقاط فتات المائدة طالما أن الطبق الرئيسي ليس لها. عبر المتوسط أو عبر الاحمر، من حقل الرميلان في الشمال او من حقل الورد في دير الزور، حيث تتنازع النصرة والجيش الحر والعشائر.

الحزب الديمقراطي الكردي يرفض حتى الآن تسليم حقل الرميلان، ويصر على انه سيبقي على تعامله مع الدولة السورية، وأن نفطه لن يذهب الى طريق غير مصفاة حمص. موقف لن ينساه له الوطن، ولا شك أنه سيمنحه موقعا خاصا على طاولة المفاوضات التي ستسفر عن يالطا او عن طائف. لكن الثلاثي الفرنسي – البريطاني – الامريكي، يستمر في ضغطه على الحزب، مرة عبر اتفاق تركيا مع عبد الله اوغلان، ومرة عبر التهديد بإدخال فصائل كردية الى الائتلاف وطرحها كممثل للاكراد في الحكومة الانتقالية. الاتراك ليسوا خارج هذه الضغوط، فهم رغم هدنتهم مع اوغلان لا يريدون منح امتداده السوري، أي الحزب الديمقراطي، مزيدا من القوة في سورية. خاصة وأن هذا الحزب قد شارك – عبر هيئة التنسيق- في رفض العسكرة ورفض التدخل الاجنبي ورفض الطائفية. أما قطر والسعودية، فتشدان الكباش أكثر حول السيطرة على الائتلاف، وتوسيعه ليشمل قوى من الاقليات والعلمانيين، اكتسابا لصفة تمثيلية اوسع لا يؤمنها له كون رئيسه الحالي اسمه جورج (جورج قطر). الرياض تريد الحد حقيقة من هيمنة الاخوان عليه، لتحد من دور قطر كراع للمعارضة. وقطر تريد وضع مكياج شبيه بماكياج مذيعات الجزيرة على وجه هذه الهيمنة، لتحفظ هيمنتها. قال لهم اوباما إن لا تدخل عسكريا اطلسيا، فراح كل الذين لعلعوا سنين وعبر كل الوسائل بطلب التدخل العسكري الخارجي يصرّحون بوقاحة أنهم ضد التدخل. ونسوا الاجتماعات الصاخبة في باريس نفسها لتخوين كل من كان يرفض احتلال سورية على طريقة ليبيا.

قال لهم السيد إن ثمة حلا سياسيا قادما ولو بعد انقضاء مقتضيات الإنهاك، فراحوا يلهثون لاكتساب صفة وبطاقات لعب تعطيهم دورا على الطاولة. وكما في السعي الاول، هم في الثاني، لا يصفقون إلا لمزيد من تدمير البلاد. يبيعون هذا الدمار لاسرائيل أولا، للغرب ثانيا وللتخلف ثالثا واخيرا.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون