من الدم الملوث الى دم السوريين..

الربيع العربي، 04-09-2012

موقع اتصالي فرنسي ينشر صورة لوجه وزير الخارجية الفرنسية مغطى بيد ملوثة بالدم، ويكتب عليها: من الدم الملوث إلى دم السوريين( الرابط اسفل المقال ) وتحت الصورة تعليق يقول: لكأننا لا نستمع إلى وزير خارجية فرنسا بل إلى وزير خارجية إسرائيل.
في الصورة الأولى إحالة الى قضية الدم الملوث بفيروس الايدز التي تورط فيها لوران فابيوس عندما كان وزيرا للصحة في ظل حكومة ميتران بين عامي 1984 و1985، حيث تسبب نقل الدم دون التدقيق في نظافته باصابة الكثيرين بفيروس الإيدز ووفاة 2500 شخص منهم. ولم تنكشف الفضيحة إلا عام 1991، ورغم محاولات لفلفتها إلا أن حجمها اضطر الرئيس الاشتراكي الى أن يصرح في 9 نوفمبر عام 1992 قائلا: على الوزراء أن ينتبهوا الى خطورة أعمالهم. بالطبع تم تحويل فابيوس الى المحكمة بتهمة القتل غير العمد، غير أن القضية انتهت، بعد تدخلات كثيرة، بتبرئته بحجة أن فيروس الايدز لم يكن معروفا بما يكفي في البلاد عام 84. وذلك رغم شهادة روجيه رو مدير عام الصحة الذي قال بانه أصدر في 20 حزيران 1983 قرارا بمنع أخذ الدم من الاشخاص المشكوك بسلامتهم من الأمراض ومنها الايدز. ويذكر أن صحافة المرحلة قالت في حينه إن جزءا من الدم الملوث قد بيع الى تونس.
أما التعليق المكتوب تحت الصورة، على الموقع، فيحيل الى ما قاله لوران فابيوس بالحرف: ” يجب كسر النظام السوري بأسرع وقت ممكن، وبشار الأسد لا يستحق أن يكون على وجه الأرض”. فكيف يمكن لدبلوماسي، أيا يكن موقفه وموقف بلاده، أن يتحدث بلغة كهذه، اللهم إلا إذا كان يحمل حقدا شخصيا على الرجل أو حقدا شخصيا على النظام. وواقع الأمر أن الحقد انما هو حقد يهودي صهيوني متحمس، كما هو معروف عن فابيوس. غير أن ما هو معروف عنه أيضا أنه رجل يعرف كيف يكون خبيثا ولا يكشف انفعالاته بسرعة، مما يدلل أكثر على حجم الغيظ والحقد الذي حرك لسانه.
إنه حقد على الدولة التي ما تزال تزعج إسرائيل لمجرد وجودها، ولا ينتهي هذا الحقد، وينام فابيوس مستريحا إلا إذا نجحت أجهزته ومن يرافقها في تدمير الدولة السورية، تفكيكيها، القضاء على جيشها أو تغيير عقيدته، القضاء على مؤسساتها كلها، على اقتصادها، والأهم على نسيجها الاجتماعي الموحد لتحويلها الى كانتونات صغيرة ( سواء اعلن تقسيمها رسميا أم ترك أمرا واقعا على الأرض)، وما مطالبته بالسرعة في كسر الدولة إلا تخوفا من أن يؤدي التأخير،الى خروج البلاد من أزمتها، موحدة ودون تغيير في واقعها السياسي الخارجي.
استعجال فرنسا لن يكون مجرد كلام، وقد سمعنا الكثير من تصريحات كبار المسؤولين الاستراتيجيين والسياسيين والعسكريين المطالبة بتفعيل عمل الأجهزة السرية. وهو ما بدأ منذ الأشهر الأولى. وهنا لن يكون وزير الخارجية غريبا، فهو المعروف بفضائحه الأمنية وأشهرها تفجير سفينة رينبو وورور التابعة لمنظمة ( غرين بيس )، في 10 تموز 1985 على يد المخابرات الخارجية الفرنسية، مما أشعل أزمة بين الحكومتين الفرنسية والنيوزيلاندية. وبعد ان صرح رئيس الوزراء انذاك لوران فابيوس بانه لم يكن على علم بذلك، عاد، بعد التحقيق، فاعترف بمعرفته بالخطة وبمسؤولية فرنسا وجهاز الاستخبارات الخارجية عن العملية، وذهب وزير الدفاع شارل هرنو كبش فداء، فقدم استقالته. دون ان يغير ذلك في الأمر شيئا فالسفينة فجرت ومن مات لم يعد إلى الحياة.
عينتان من سيكولوجية وطريقة تفكير وأسلوب عمل، تقودان الى الكثير الكثير مما يسم تعاطي القوى الغربية ووكلائها من العرب مع القضايا العربية، وتحديدا الآن مع الأزمة السورية. تعامل لا يحركه إلا عاملان: عين جاحظة في المنافع الاقتصادية المخزونة في هذه المنطقة أو التي تتشكل عبرها، وعين أخرى تجحظ بحقد تاريخي إنها تلك التي تجسدت في كيان اسمه اسرائيل. كيان يحتاج لبقائه تدمير كل ما حوله، وتحويل الدول الى كيانات عنصرية تشبهه.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون