روري والامارات

شؤون عربية، 16-07-2012

منذ سنوات والمخلصون يدقون جرس الانذار. لن يترك الغرب دول الخليج العربي عربية في واقع وجود نسب العمالة الاجنبية الوافدة. ويذكر مشاهدو الجزيرة قبل سنوات ندوة بين الدكتور محمد المسفر والصحافي الكويتي سامي النصف: كان المسفر يركز على تدمير عروبة الخليج، وعلى حتمية الوصول الى يوم تثار فيه قضية حقوق الانسان  وبمقتضاها تجنيس الاسيويين، بما يجعل من السكان الاصليين اقلية مطلقة ( لا تتجاوز 15 بالمئة )، ويقترح استبدالا تدريجيا بالعمالة العربية، غير ان النصف كان يرد بان العمالة العربية مسيسة ويمكن ان تثير القلائل اما الاسيوي فلا يبغي الا العمل. وفي واقع وجود غالبية هندية في الامارات على سبيل المثال، وطبيعة العلاقات الهندية الاسرائيلية، فان الامر سيعني ما يعنيه. خاصة  عندما تصل الامور الى روح المرحلة: الانتخابات البرلمانية.

بعد هيومن رايتش ووش، التي نقلت كل جهدها الى الهجوم على الامارات العربية المتحدة والتي طلبت في وقت سابق من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عدم توقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع الإمارات العربية المتحدة «قبل أن تنهي إساءة معاملة العاملين الأجانب».، جاءتنا جمعية في بريطانيا، لا تضم اي اماراتي واسمها  الجمعية الدولية لحقوق الانسان في الامارات وعلى راسها شاب صغير اشقر انيق اسمه روري. روري اصدر تقريرا لم يعرف ان يدافع عنه بكلمة واحدة على بي بي سي، ولكن تقريره حرك بسرعة فائقة مجلس النواب البريطاني ليعقد جلسة مغلقة حول حقوق الانسان في الامارات، ومستقبل الوضع السياسي في الخليج العربي. كما جاء في الخبر.

بنظرة سيميولوجية الى شكل شاشة بي بي سي، خلال مناقشة الخبر بين روري والدكتور عبد الخالق عبد الله، كان من الواضح ان خلفية الصورة هي عبارة عن رف عليه جواز سفر اماراتي عملاق… وكفى. لا شيء مما اعتدناه من مشاهد عندما يتم الحديث عن حقوق الانسان. وفي بحث حاول تتبع المسالة على الانترنت طوال الايام السابقة، لم نكد نجد الا تعليقين او ثلاثة عن تعرض الاماراتيين لمعاملة امنية خارجة عن اطار حقوق الانسان ( وهذا حق اساسي لهؤلاء ) اما التعليقات الباقية فتركزت كلها على مواضيع الجنسية. وتمت الاشارة الى القانون الاماراتي الذي ينص على منح الجنسية لمن كان يعيش في الامارات منذ ما قبل الاتحاد ولم يغادرها بعده.

السؤال ولا شك يطرح: لماذا الامارات؟ والجواب يتوزع على اكثر من فرع. فالامارات هي البلد الذي يملك اكبر صندوق سيادي في العالم، واللعاب الغربي الصهيوني يسيل امامه. الامارات هي البلد الخليجي الذي يصر في اسمه على صفة العربية، ولا خيار له في ذلك كبلد اتحادي، والامارات هي بلد اسلام لا يستطيع الا ولن يكون معتدلا وقوميا، وهو يقع بين المملكة الوهابية وايران الشيعية، والامارات هي بلد باتت له امتداداته الاستثمارية في العالم بشكل استثنائي، مما يمنحه قوة اكبر من حجمه. والامارات هي البلد الخليجي الذي يملك اقوى علاقات تجارية استثمارية مع روسيا، خاصة في مجال الغاز، عقدة كل الصراعات الدولية الحالية. وللامارات في تاريخها اخطاء لا تغتفر بسهولة: من الخط القومي المتوازن الذي كان يعتمده زايد، الى ما نتج عنه منطقيا من دعم الانتفاضة الفلسطينية، الى قضية المبحوح، الى تصريحات ضاحي خلفان المختلفة، التي لا تعبر باي حال عن مجرد راي شخصي.

لذلك فان الحملة الدولية لا تعني ان ثورة ستنشب في البلد، ولكنها عملية ضغط لا شك ان اهدافها محددة بدقة. وربما كان تشدد عبد الله بن زايد في مؤتمر اصدقاء سوريا في باريس، محاولة لدرء الضغوط، كما كانت المساهمة في تمويل الحرب على ليبيا، وما كشفت عنه سويسرا من وقف تمرير السلاح الى الجيش السوري الحر. لكن.. ماهكذا تورد الابل يا ملوك الطوائف!!

كنا نقول ان ما يسمى المرصد السوري لحقوق الانسان في لندن هو عبارة عن رجل واحد اسمه رامي عبد الرحمن، فاذا بلجنة حقوق الانسان في الامارات، في بريطانيا، لا تضم اي اماراتي.. والاتي اعظم!

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون