تقاطعات سورية

الربيع العربي، 02-12-2012

يشتد عض الاصابع ويسيل الدم من الخاصرة السورية، وكلما صعد حديث عن حل سياسي يوقف النزف، برزت على الارض تطورات وتصعيدات تؤخره. كان واضحا ان الاخضر الابرهيمي سيقدم تصورا للحل، وان اطرافا كثيرة يهمها دمار سوريا بالدرجة الاولى ولذلك استمرار العنف، ستعمد الى عرقلته. من جهة ثانية كان متوقعا ايضا ان الجهات المعارضة التي تحركت دائما – منذ عقود- لاجل تغيير اصلاحي في سوريا لجعل البلاد في حال افضل، لن تقبل الى الابد باستمرار هذا التدمير، وستبادر الى تحرك ما يوفق بين المطالب والثبات عليها وبين وقف العنف.

هكذا سمعنا هيئة التنسيق تعلن من موسكو على لسان اربعة من ابرز مناضليها التاريخيين انها مستعدة للتفاوض مع النظام، تحت سقف الدولة السورية، شرط وقف القصف الجوي. وسمعنا في الوقت نفسه هيثم منّاع يؤشر بوضوح الى ان الحرص لم يعد فقط على سوريا وانما على دول الجوار حيث قال ان توسع رقعة الصراع الى ما حول سوريا لم يعد توقعا بل واقعا.

هذا التصريح لم يحتج لاكثر من اربعة وعشرين ساعة ليتجسد احداثا مؤكدة بشكل دامغ وفاضح، على الساحة اللبنانية. لم يعد للنأي بالنفس من معنى، اللهم الا معنى ان رئيس الحكمة ووزارءه يلتزمون بالديبلوماسية في التعبير عن حياديتهم الرسمية التي لم تتمكن من تجاوز الوزارة الى مجلس النواب. اجل مجلس النواب حيث  نشرت وسائل الاعلام تسجيلات للنائب عقاب صقر تبرهن تفصيلا كيف انه يقود ثلاث غرف عمليات عسكرية، في انطاكية واضنة واسطمبول، تزود الجماعات المسلحة والجيش الحر، في ادلب وحلب، بالسلاح الخفيف والثقيل ( ار بي جي – بنادق- ذخيرة- مضادات للدبابات وللطائرات الخ…) تحت امرة ضباط استخبارات اتراك وخليجيين. وسواء كان من وضع اقراص التسجيل للنائب اللبناني هو – كما قيل-  رجل سوري كان يعمل معه وساءه عدم اهتمام الاخير بدماء السوريين،بمن فيهم العاملين معه واهاليهم في مناطق النزاع،  لقاء تحقيق اهدافه الانتقامية، ام ان هذا المندس هو عميل تم دسّه مسبقا الى جواره، فان النتيجة واحدة: ثمة اطراف لبنانية متورطة ميدانيا وعسكريا في الحرب السورية لحساب اطراف اقليمية.

قبل ان تصل جريدة الاخبار الى نشر الحلقة الرابعة من تسجيلات صقر، جاءت المفاجاة الاخرى من داخل الاراضي السورية، وعلى بعد سبعة كيلومترات من الحدود مع لبنان، حيث رصدت المخابرات العسكرية السورية مجموعة من ثلاثين شابا لبنانيا، انطلقوا من طرابلس وعبروا الحدود في طريقهم للمشاركة في العمليات العسكرية ضد الجيش السوري، وعند بلدة حالات قرب تل كلخ نصب لهم الجيش كمينا فقتل عشرين واسر اخرين وهرب منهم من ابلغ طرابلس بما حصل. هنا ايضا لا اهمية للجدل الذي يدور بين المحللين حول ما اذا كان هناك من وشى بهم، ام ان النقص في خبرتهم الامنية وهم شباب بين التاسعة عشرة والخامسة والعشرين، هو السبب في وقوعهم في الفخ. لا اهمية لان النتيجة الاولى هي تاكيد ما هو معروف في لبنان من تورط لبنان غير الرسمي في الازمة السورية، والثاني هو ما يمكن ان يترتب عن ذلك من مخاطر امنية، خاصة في الشمال، او بدءا بالشمال. حيث صرح قيادي سلفي لوسائل الاعلام بان هؤلاء الشباب لا ينتمون الى أي حزب سياسي وانما هم من اهل المساجد، لبنانيين وفلسطينيين، صلوا الفجر وذهبوا لنصرة اهل السنة في الشام. فكيف يمكن ان يكون الحال اذن في الداخل اللبناني نفسه اذا ما تراخت قبضة الجيش او اندلعت شرارة؟  وكم هو عدد غير اللبنانيين في معسكرات الشمال، وقد اكدت الانباء ان بين الشباب الذين يتسللون هكذا،  ليبيين ويمنيين ومصريين؟

الحادث الثالث جاء على يد مخابرات الجيش اللبناني التي القت القبض بالجرم المشهود على شاب سوري كان يعمل على تهريب الاسلحة والمقاتلين من مخيم عين الحلوة الى طرابلس فالى سوريا، في حين يتحرك تحت غطاء الاغاثة الانسانية للاجئين السوريين.

هذا راس جبل الجليد، فماذا عن قاعدة الهرم وصلبه؟ الى اين يسير لبنان؟ الى اين تسير المنطقة كلها اذا لم تسر الازمة السورية نحو الحل السياسي؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون