بترايوس

شؤون دولية، 13-11-2012

لو أن كل رجل أقام علاقة خارج الزواج فقد منصبه، لوجدنا نصف الأزواج عاطلين عن العمل؛ فهل توجيه مثل هذا الاتهام إلى ديفيد باترايوس ودفعه الى الاستقالة بعد يومين من انتخاب أوباما لولاية جديدة في البيت الأبيض هو نتيجة خلافات ما مع الرئيس، أو بداية عملية تجديد في فريقه، أو مقدمة لأمر آخر؟

واحدة من المسائل التي كانت أكثر إقلاقا لحملة أوباما الرئاسية هي عملية اغتيال السفير الليبي في ليبيا، وأيا يكن المسؤول الحقيقي عنها، وأيا تكن خلفياتها، فإن من يتحمل المسؤولية الرسمية هما شخصان: وزيرة الخارجية، ورئيس الـ “سي آي إيه” ولذلك كان لا بد من توقع استبعادهما عن الفريق الجديد. غير أن هذا الإبعاد كان ممكنا بدون فضيحة عائلية أخلاقية، وهنا يُطرح السؤال هل كان لخلاف أوباما وبترايوس حول مسألة الانسحاب من أفغانستان دور في هذه الحدة؟ هل ثمة خلافات أخرى حول الملفات الشرق أوسطية الأخرى، والعالمية؟ ولا ننسى أن الرجل كان قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي ( سنتكوم) أي منطقة الشرق الأوسط التي تضم أكثر القضايا حساسية: أفغانستان، ايران، العراق، الخليج العربي، ليبيا، والان سورية؛ وكل من هذه ملف قابل للاختلاف حتى الصدام. صدام ربما ظل تحت ستار الصمت لضرورات المعركة الانتخابية، ومع انتهائها أصبح من الممكن للمنتصر أن يترجمه.

مما يعني أن ثمة سياسة جديدة سينتهجها السيناتور جون كيري وزير الخارجية الجديد، تنفيذا لخطة أوباما ولكن – أيضا- تنفيذا لاستراتيجية الانتلجنسيا الأمريكية التي ساعدت أوباما على كسب حملته، كما ساعدت الكونغرس الجديد على التشكل بصيغته الجديدة. ولا شك أن الـ “سي آي إيه” تقف على رأس المؤسسات التي يتوجب تجديد دمها، وإعادة الهيبة الى قدرتها على الساحة الخارجية، لأن هيبتها هي هيبة الولايات المتحدة.

من جهة ثانية لا تخفي المصادر الأمريكية أن بترايوس أظهر طموحا سياسيا نحو البيت الابيض، خاصة بعد أن اعتبر نفسه بطل العراق وأفغانستان – كما تقول هذه المصادر، وكان تعيينه على رأس الـ “سي آي إيه” طريقة لإبعاده عن طريق الرئيس وفريقه. حتى اذا أصبح على رأس الوكالة انتهج سياسة جديدة، اسماها سياسة “ما بعد سياسة 11 سبتمبر”، أي أنه أراد الا تتركز عمليات وخطط الوكالة المركزية على مكافحة الإرهاب، إنما أن تعود الى مهامها ونشاطاتها التقليدية وكذلك أسلوب عملها. ولعل هذه السياسة قد برهنت على فشلها في الحدث الليبي، وربما يتخوف المسؤولون في أن يؤدي استمرارها الى زلات قدم أخرى. زلات لا يريدها الرئيس، ولا تتحملها هيبة الولايات المتحدة.

ليس من الحكمة أن تغير حصانك في منتصف السباق، يقول مَثَلٌ صيني. وهكذا انتظر الرئيس نهاية السباق كي يبدأ بمحاسبة أحصنته ومعاقبتها، بقدر ما تستحق الأخطاء التي ارتكبها كل منهم (أو مكافأة من لم يخطىء)، وبالتالي تغيير من لا يناسب المرحلة القادمة من السباق.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون