اهي زيارة دعم لحماس ام هي زيارة محاصرة لسلطة رام الله؟ ام هي امر اسوا من الاثنين: تكريس الانقسام الفلسطيني بين جمهورية غزة وجمهورية رام الله، وفق تعبير نبيل عمر للتلفزيون المصري؟
لم نكن يوما مدافعين عن سلطة اوسلو، ولم نكن يوما الا داعين لمساعدة غزة المحاصرة، ولكن هل يعني تقديم مساعدة مالية لغزة، دخولها في زيارة رسمية رئاسية بدون المرور بالسلطة الوطنية الفلسطينية؟ وهل يمكن لفقهاء السلطان، مهما بلغت بلاغتهم، ان يبرروا ذلك بانه لا يعني فصل غزة عن الضفة؟ والانكى هو اولئك الذين خرجوا مطالبين الامير القطري بزيارة مشابهة للضفة، وكانما المشكلة هي في ان تاتي ” الينا ” او ” اليهم” لا في ان هناك الينا واحدة هي فلسطين ولا يجوز باي حال التعامل رسميا مع فلسطينين، في تكريس فاقع للمخطط الاسرائيلي بعزل الضفة عن القطاع واقامة شبه دولة اسلامية في الثاني وشبه دولة ملحقة في الاولى ( ويعلم الله ملحقة بمن). انها اخطر مرحلة من مراحل المؤامرة على فلسطين، خاصة وان من سار على السجادة الحمراء لم يكن رئيس وزراء مع رئيس وزراء وانما رئيس دولة مع من يفترض انه ليس رئيس دولة، بما لذلك من مداليل خطيرة على الصعيد الديبلوماسي.
مرة تمنى رابين لغزة ان تغرق في البحر، واليوم تغرق غزة في بحر شرخ انقسامي كلفته اربعمئة مليون دولار فيما كلفة تمويل الحرب على سوريا مئة مليار دولار. ( هذا فقط من الجهو نفسها). اما محمود عباس فقد وقف الى الجدار، يدين؟ ويخرب علاقته بقطر هو الذي تنازل لها عن دوره في رئاسة الجامعة العربية كي يتم القضاء بسرعة على سوريا؟ام يؤيد ويعترف ضمنا ان غزة دولة اخرى، خارج الدولة التي يحلم باثارة قضيتها في الامم المتحدة؟ تنازلت اوسلو عن ثلثي فلسطين بحجة انها ” مرغمة ” واليوم تتنازل السلطة عن غزة “مرغمة”، اما غزة فخطابها التسويقي: من البحر الى النهر مضى الى غير رجعة في حضن حلم يتجه الان الى سيناء لا الى القدس ولا الى حيفا. وبدا واضحا ان الخلاف لم يكن يوما لا على البحر ولا على النهر ولا على ما بينهما وانما على السلطة، وطالما ان رياح السلطة تهب اليوم في اتجاه اسلامي، من مصر الى ليبيا الى تونس، خاصة في الاولى، فلا باس ان تدمر الانفاق بالة مصرية طالما ان لونها اخضر، ولا باس ان تنقلب حماس على الجهة الوحيدة التي استقبلتها وحمتها، عندما نبذها كل الاخرين، وان تصبح سوريا، حضن الامس، عدو اليوم لانها عدة من يمكن ان يمنح غزة اعترافا انفصاليا وفتاتا من مساعدات مالية ويروي حلم حكومة اسلامية تقصي كل الفصائل الفلسطينية العلمانية التي خاضت نضال فلسطين منذ مئة سنة.
اما هذه الفصائل، فهي التي تقف حقا امام الجدار: اتساند عباس، وبالتالي تشطب فلسطين؟ ام تساند حماس في توجهاتها الجديدة (وربما القديمة!!) وبالتالي تشطب فلسطين؟ هل تكمل الطريق وحيدة؟ وكيف؟….لم تصل القضية الفلسطينية في تاريخها الى مازق كهذا.
لم نصل كلنا، خاصة القوميون، على اختلاف توجهاتهم، الى مازق كهذا ونحن نرى تنفيذ خطة تقسيم فلسطين وتصفية قضيتها يحصلان امام اعيننا ويتم اخراج الفيلم وكانه عمل انساني وطني يقوم به امير يستضيف اكبر قاعدة اميركية في المنطقة ويقيم علاقات عميقة مع اسرائيل. الم تقل تسيفي ليفني في الدوحة قبل ثلاث سنين بان اسرائيل ستصبح حليفة لبعض الدول العربية في مواجهة معسكر اخر. يومها اعتبر – حتى الرافضون – ان الامر يتوقف على ايران، ولكن حقيقة الامر انه كان يعني ادخال اسرائيل علنا في الاصطفاف العربي الذي طالما شاركت فيه سرا، وبمظلة اميركية.