الانقاذ.. والصمت المريب

الربيع العربي، 17-09-2012

رغم ان وكالة الصحافة الفرنسية نقلت بالتفصيل، من دمشق، خبر اجتماع فصائل من المعارضة السورية في الداخل، كما نقلت البيان الختامي الصادر عنه، فان البحث في الصحافة الفرنسية نفسها وفي معظم الاعلام الغربي والعربي- الغربي لا يقود الى اية اشارة الى ذلك بكلمة

ورغم ان الجيش السوري الحر يعلن صراحة عن استلامه شحنة من اربعين طن من الاسلحة من تركيا، الى ان ذلك يظل غائبا ايضا عن هذا الاعلام. علما بان الانباء تحدثت عن ان هذه الشحنة لا تشكل الا جزءا  من مئتي طن تم تجميعها في تركيا لارسالها الى سوريا.

صحيح ان المؤتمر الذي عقد في دمشق لا يضم كل فصائل المعارضة، رغم انه ضم اربعة وعشرين حزبا وتيارا،  بينهم الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير المشاركة في الحكومة بشخص الدكتور قدري جميل  والدكتور علي حيدر، لكنها خطوة مهمة على الطريق بدليل ان البيان الختامي وجه دعوة  ” عامة لكل القوى والفعاليات والتنسيقيات والأحزاب المعارضة في الداخل والخارج من دون استثناء،” للمشاركة في حوار على ارض الوطن من دون شروط مسبقة داخل المؤتمر، فكل طرف سيحمل رؤيته الخاصة التحليلية والبرنامجية،  مع مطالبة النظام بتأمين الضمانات اللازمة لمشاركة جميع الشخصيات ”  . كما ان البيان ركز على ضرورة «التغيير الجذري الشامل والعميق الذي يعني تغيير بنية وتركيبة ونهج النظام ووسائله في إدارة الوطن، وإلغاء كل الأسباب التي تعيد إنتاج الأزمة”  داعيا  إلى «الانتقال إلى نظام ديموقراطي تعددي ووقف العنف والقتل والخطف من كل الأطراف، والانتقال إلى الحل السياسي السلمي، ورفض التدخل الخارجي بكافة أشكاله والحفاظ على السيادة الوطنية وسيادة الدولة السورية وفقاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي ”

واذا كان هذا البيان يلتقي عمليا مع ما طرحه ممثل هيئة التنسيق الوطنية هيثم مناع قبل ايام، فانه يلتقي   ايضا مع ما طرحه  ممثل ائتلاف التغيير السلمي فاتح جاموس في مؤتمره الصحافي في موسكو قبل مناع بيومين. حيث التقى جاموس مع مناع والاخرين في توصيف النظام وضرورة استمرار الضغط السلمي، لان النظام غير قادر على ان يتغير بشكل ذاتي، كما قال. لكنه كان واضحا بالمقابل، في ان ما يحدث على الارض لا علاقة له بذلك وانما يستهدف سوريا الدولة مؤسسات وقوة، عبر تدمير المؤسسات المدنية واستهداف المؤسسة العسكرية،وتدمير النسيج الاجتماعي والقضاء على الدورة الاقتصادية، متسائلا عن الهدف من تدمير مصانع حلب، على سبيل المثال. كذلك اشار جاموس ان التغيير من وجه واحد لا يكون بالقبول بالخروج الى وجه واحد اخر ( حتى ول استعمل واجهات اخرى ) مضيفا: نحن لا نؤمن بمن لديه عمل مسلح وثقافة طائفية.

غير ان النقطتين المهمتين هي تركيز جاموس على ان نسبة سبعين بالمئة من الشعب السوري هي خارج اطاري النزاع وهي ترفض العنف. وتضم جزءا من النظام وجزء من فعاليات الحراك التي انطلقت سلميا بمطالب ديمقراطية ثم وجدت نفسها مهمشة عندما تم تعويم خيار العنف. وربما اعتمد الرجل على هذه الاغلبية الشعبية في دعوته جميع اطراف النزاع الى الجلوس على طاولة مستديرة للخروج بالبلاد من مصير الاسود

النقطة الثانية تمثلت في تحديد هذا المصير الاسود نفسه، فهو لا يقتصر على الحرب الاهلية فحسب، وانما يمتد الى تدخل تركي يلقى من دول الخليج ومن اسرائيل والغرب، ما تلقاه الان الجماعات المسلحة، وغدا، مؤججوا الحرب الاهلية.ومن هنا تحدث الرجل عن عقلاء هيئة التنسيق واقترابهم من القبول بهذه الطاولة لان المسالة لم تعد اصغر من انقاذ الوطن بكله.

فهل سيتغلب هؤلاء العقلاء على المتشددين في الهيئة التي تعتبر اقوى تشكيلات المعارضة، ويشاركون في المؤتمر المزمع في الرابع والعشرين من هذا الشهر! هل سيتغلب منطق الانقاذ وضميره على منطق اخشى من تناقص شعبيتي اذا اقدمت على خطوة مماثلة، او من الخوف من تخوين الفصائل المنافسة!

هل سيساعد انكشاف خيانة المخوّنين في تشجيع اصحاب الضمائر في كل الصفوف!

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون