استفزاز مدروس ورد غير مدروس

الربيع العربي، 23-09-2012

مرة اخرى 11 سبتمبر.

ومرة اخرى السؤال: مبرمج ام غير مبرمج؟

البرمجة لا تقتصر على الحدث بحد ذاته، بل تتجاوزه الى معادلة  الفعل وردات الفعل. فمحمد ابن عبد الله ليس نبي المسلمين فحسب، والدين ليس عنصرا اساسيا في المكون السيكولوجي الشرقي عموما والعربي خصوصا. بل ان محمد هو النبي العربي، وكل عربي يشعر انه اهين باهانته، لان كل عربي مسيحي او غير هو مسلم حضارة كما قال فارس الخوري.

هذا اساسا، اما في العناصر اللاحقة، فالعربي والمسلم مشبع بالاهانة من قبل الغرب، اهانة في كل ما يشكل سلم قيمه، بدءا من ارضه وكرامته.  ولعلنا الشعب الوحيد الذي يقول ” ارضك عرضك” في تعبير قد لا يفهمه الغرب كثيرا.ونقصد غرب عامة الناس، اما غرب الانتلجنسيا فيفهموننا اكثر مما نفهم انفسنا لانهم يدرسوننا دراسة جدوى ودراسة سوق وفق لغة السوق والمصالح التي تحرك سياسات الدول عامة وتحركهم هم بشكل خاص، فيما يشتد اكثر عندما يمرون بازمة اقتصادية كالتي يعيشونها اليوم.

هل كان الحدث في ليبيا مبرمجا ام لا؟ نقاش تعلو حوله رغوة الانتخابات الرئاسية الاميركية،  فيصر ماثيو ولسن مدير المركز القومي لمكافحة الارهاب بان الهجوم على القنصلية كان عملا ارهابيا لكنه لم يكن مبرمجا  غير انه يعود ليشارك اولسن بيركنز مدير اف بي اي، الاعتراف الخجول بانه تم رصد اتصالات تلفونية يوم الحادث، بين القاعدة في بلاد المغرب وخلية انصار الشريعة  التابعة للقاعدة في ليبيا. كما تعترف الاوساط الامنية بان السفير القتيل كان قد ارسل عدة تقارير الى عاصمته تحذر من خطر الجماعات الاسلامية وتقول ان هناك لائحة سوداء يتصدرها اسمه. فلماذا اذن لم تسحبه ادارته؟ ولماذا ذهب الى القنصلية بعد نشر صور الفيلم السيء الذكر؟

انسانيا علينا ان نقول اننا ندين قتله، ولكن واقعيا علينا ان نقول ان هذا الرجل تسبب مباشرة في مقتل الاف الليبيين وكان واسطة نقل السلاح الى ليبيا، واشرف على المجزرة، فلماذا لا نتوقع انتقاما؟

لسنا دعاة عنف، ولكن العنف يفرض على شعوبنا، كقدر، والموت قدر، فهل نحبه؟

والسؤال المركزي: الم يكن يعرف من برمج القصة كلها انها ستستدرج اعمال عنف؟

اما ردات الفعل، فهنا بيت القصيد، وهنا اسئلة اولها: لماذا صمت القرضاوي الذي افاض بحق شجرة الميلاد وسانتا كلوز؟ افيهما كفر اكثر من الاساءة الى الرسول؟

لماذا غضب الغنوشي على الذين ينتهكون حق الدولة في حماية الامن؟ لماذا جاء خطاب مرسي بكل التعقل الذي لم نره ازاء سيناء؟ بل ازاء الانفاق التي كان مبارك يسدها فجاء هو يدمرها؟ اين اردوغان  وحميته في دافوس، يوم كانت تركيا بحاجة الى اثبات نفسها الى جانب اسرائيل على خارطة الشرق الاوسط؟ اين داود اوغلو شيخ الحنين الى العثمانية، الم يكن السلطان امير المؤمنين؟

انه التحالف الوليد بين الاسلام السياسي ” المعتدل ” والاميركي، لا يسمح برد قوي، والا ذهب كل العرق الذي روى رمال الدوحة رغم المكيفات عبثا… ذهبت المليارات عبثا… ذهب “الربيع” المصادر للثورة عبثا… وهو الدهاء الغربي في تظهير انقسام الاسلام السياسي بين اخوان وسلفيين وقاعدة، بين الدولتين العربيتين الراعيتين. وهي العنصرية الغربية تمرر اهانتها للعرب ولشعوب العالم الثالث بطريقة او باخرى.

غير ان ذلك لا يعني ان البديل هو القاعدة والسلفيين، فهؤلاء يشوهون الرد واولئك يبتلعونه. ولذا يجب الا  يمر الحقد والاحتقار الغربي والجهل والانفعال الشعبي، فوق راس التيارات القومية لان الرد هنا جزء من مفهوم السيادة ببعدها الحضاري.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون