يوم الاثنين تسلمت المجموعة الأوروبية جائزة نوبل للسلام. وقبل ذلك بيومين كانت الصحف الاوروبية تنشر خبرا عن مشاركة المجموعة في المؤتمر الثاني حول الامن الداخلي المنعقد في تل ابيب. وقد وصف أحد الصحافيين المؤتمر هذا بأنه اشبه ببازار منه بمؤتمر، حيث دارت أعماله حول تبادل الخطط والمعلومات، لكن الفعالية الابرز كانت عرض مصانع الاسلحة الاسرائيلية لمنتوجاتها تمهيدا لعقد صفقات مع الدول الاوروبية الضيفة. وفي حفل الاختتام عبّر شيمون بيريز عن فخره بأنه كان دائما منخرطا في مشاريع التصنيع العسكري الاسرائيلي وأنه يشعر بفخر اضافي وهو يرى التطور التكنولوجي الاسرائيلي في هذا المجال، خاصة الاسلحة المخصصة للأمن الداخلي.
فماذا يعني الامن الداخلي بالنسبة للكيان الاسرائيلي؟ انه يعني ملاحقة الفلسطينيين لتصيدهم واعتقالهم او قتلهم. ألا يعتبر قتل الجعبري مؤخرا عملية امن داخلي اسرائيلي، ومثلها مئات بل آلاف العمليات التي لا تقتصر ساحاتها على حدود فلسطين المحتلة، طالما أن اسرائيل تطبّق النظرية التي يتفق عليها باراك ونتنياهو، اليمين واليسار والتي تقول بإن الامن الداخلي الاسرائيلي يشمل حق التعقب، بل والتعقب الاستباقي، لمجرد تقدير الخطر الذي يمكن أن يشكله الفرد او الجماعة المستهدفة على أمن اسرائيل. وقد سمعنا في المرحلة الاخيرة كلاما صريحا عن ذلك، بل وتأطيره في عنوان حقوقي غريب: حق القتل.
فكيف اذا يتوافق تعامل المجموعة الاوروبية، ضمن الاطار العسكري، مع دولة مجرمة كهذه، – يتوافق مع حصولها على جائزة نوبل للسلام؟ هل أن انتشار شركة الاسلحة العسكرية الاسرائيلية في العواصم الاوروبية خاصة معرض السلاح البحري قرب برلين الى معرض يوروساتوري هو خدمة للسلام؟ هل تمويل المجموعة الاوروبية لثمانمئة مشروع بحثي عسكري اسرائيلي هو خدمة للسلام؟ هل المشاركة بقيمة 4،3 مليار يورو في مشروع أفق 2020 هو خدمة للسلام؟
لكن هل كانت اوروبا في تاريخها أقل عدوانية من اسرائيل؟ او ليست هي من قاد آخر عدوان اطلسي في المنطقة العربية: عدوانها على ليبيا (بذريعة غير حقيقية هي مساعدة الثوار ضد طغيان القذافي)؟ أما إذا عدنا الى الوراء فلا يتوقف العد: من مشاركة عدد كبير وعلى رأسها فرنسا في حرب 1991 ضد العراق، الى العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 الى حرب الجزائر الى حروب لا اول لها ولا آخر.
ألم تشترِ الدنمارك من اسرائيل متفجرات، بدلا من مخزونها من القنابل الذي استنفدته في ليبيا، بحسب الاعلام الاوروبي نفسه؟
واخيرا، إذا كانت اسرائيل ستقوم بتزويد دورة الالعاب الاولمبية في اوروبا بالاسلحة اللازمة للأمن، فكم سيكون عدد الفعاليات الرياضية في هذا المكان او ذاك، التي ستجني منها الدولة العبرية مليارات الدولارات مقابل نظام الحماية الامني؟