سجناء ابرياء

صحيفة السبيل، 28-02-2009

لكأنما  بات الافراج عن عدد من السجناء السياسيين   يشكل احدى اشارات التحولات العامة في المنطقة، وبالتال في العلاقة بين معسكرات الحكم والمعارضة داخل كل بلد عربي.

فقد تزامن افراج السلطة الوطنية الفلسطينية عن عدد من معتقليها، مع خبر الافراج  عن اخوين لبنانيين قضيا اربع سنوات في السن بتهمة بتهمة ثبت الان بطلانها. ذلك فيما يدور الحديث عن امكانية الافراج قريبا عن الضباط الثلاثة مما سيعني ايضا اعلان براءتهم. لتؤكد هذه الافراجات كلها على ما هو معروف من ان هذه الاعتقالات لم تكن الا سياسية فيما ظل القيمون على السلطة يؤكدون على انها امنية.

فالى متى سيظل ملف الاعتقال السياسي الكيفي مفتوحا بدون حدود في هذا العالم العربي الذي افلتت انظمته من خطر الدمقرطة والتغيير  بثمن سكوتها عن احتلال العراق وعن التنازل عن الحقوق الفلسطينية؟

وكيف يمكن ان نتحدث عن تسامح وطني وصفح، وعفا لله عما مضى؟ حديث قد يصح على المنابر ولكنه لا يمكن ان يكون ممكنا في القلوب، لان الظلم لا ينسى، والمثل الشعبي يقول ” القسى ما بينتسى ” خاصة عندما تكون القسوةهي قسوة الاخ لا العدو و بدون وجه حق.

افلا يفترض ان تعي الحكومات والقوى السياسية هذه الحقيقة السيكولوجية، وتتعلم انه لا مجال لقيام ان اجتماعي ووحدة في مواجهة العدو طالما لم يتوقف اذى بعضنا عن بعض. وان البشر ليسوا ملائكة والانتصار على الرغبة في الانتقام هو اصعب انواع الانتصارات. كما ان الهرب من قلق الانتقام لى الظالم هو من اصعب انواع القلق. ولا علاقة صحية بين طرفين يعيشان هاتين الحالتين.

من جهة ثانية لا بد وان يتعلم جميع هؤلاء ان اية مراهنة على الخارج في هذا السياق لا تدوم لان للخارج مصالح وليس له صداقات لدينا.

واذا كانت دوائر ابو مازن تعرب عن حالة احباط شديد بسبب وصول نتنياهو الى الحكم. فان حقيقة هذا الاحباط يتجاوز لون الحكومة الاسرائيلية، الى احساس اخطر بان الاميركيين ومن معهم يتخلون عن المجموعة  التي خدمتهم ونفذت اوامرهم بدون تردد. واصبحت الاولوية بالنسبة للغرب واسرائيل هو ادماج حماس في العملية السلمية، وبالتالي في منظمة التحرير الفلسطينية، لان اوباما الذي يريد الخروج بطريقة او باخرى من العراق والانصراف الى افغانستان، يحتاج الى مثلث القوى الاقليمية المحيطة: تركيا، ايران وسوريا. كذلك فان الرئيس الذي يريد تسجيل دور ما على الساحة الفلسطينية والعربية، يحتاج الى ترتيب جديد مع ما يسمى بدول الممانعة او قوى الممانعة. وثالثا فان  الرغبة في انهاء الحرب على الارهاب تفتض الدعوة الى المصالحة مع الاسلام، وحشد معظم القوى الاسلامية المعروفة  في صف ما يسمى بالاسلام المعتدل. مما سيفترض بالمقابل تنبها خاصا من حماس وحزب الله، ومن حولهما.

هل تذكرون لولو السويعاتية ، الشخصية الطريفة لتي تقمصتها فيروز في احدى اوبريتاتها في السبعينات؟  لولو حكمت بجريمة قتل لم ترتكبها، وسجنت وبعد سنوات طويلة انكشفت الحقيق فافرج عنها، لكنها قررت ان سنوات السجن دين مستحق لها، وتريد استرداده بقتل احد الذين اتهموها في القرية. وهنا تدور الد راما المضحكة المبكية، حيث يتسابق الجميع الى القسم ” والله يا لولو انا كنت دايما قول انك برية ” وتروح هي تلعب على اعصاب الجميع. فيما تسود القرية كلها حالة من البلبلة الفزع والتكهنات.

واذا كانت المنطة تشهد الان بوادر  مصالحات او على الاقل تهدئات مرحلية بين الولايات المتحدة وسوريا وايران والعربية السعودية، مما سيعني  تغير المعادلة بين اللاعبين الكبار. فماذا سيحصل للمعادلات بين اللاعبين الصغار؟ ماذا سيقولون للولو؟ وماذا ستغني لهم؟

سواء داخل البيت الفلسطيني ام داخل  البيت اللبناني؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون