المعركة مستمرة، وبشقيها العسكري والسياسي. فبين الدم والدم مرحلة من المراوغة والمشاغلة وتحضير الساحة العربية بمزيد من الخلافات والانشقاقات وصولا الى وقاحة المشاركة في ذبح الاخ.
نتنياهو كان ينظر منذ التسعينات وبوضوح ( بكتاب منشور ) لتكتيك حشر المقاومة فيما اسماه ” جيب غزة ” وسحقها هناك.
وبارام وليفني قاما بتنفيذ ذلك بالفعل دون ان يكتباه في كتب.
هل يعني ذلك انه ليس هناك خلافات داخلية بين الاطراف لاسرائيلية المختلة؟ لا بالطبع فهناك رؤى مختلفة لكيفية تسيير مصلحة وجود وبقاء وهيمنة اسرائيل. وهي بذلك مختلفة متفقة كما هو لحال لدى جميع الشعوب التي ترى في التعددية وسيلة مثلى لتحقيق مصلحة الدولة. هؤلاء تعلموا الدرس رغم انهم ليسوا شعبا ولا يحق لهم ان يكونوا دولة. ونحن في الجانب العربي، لم نعرف ان نمارس ذلك يوما لاننا لم نختلف باسم التعددية ولم نتفق على ان خلافاتنا انما يجب ان تكون كلها تحت سقف مصلحة الامة.
الفلسطينيون، جعلونا نعتقد لفترة انهم خرجوا من معمودية الدم والعذاب مختلفين عن بقية العرب، وجعلونا نتغنى بقدرتهم على خوض انتخابات حقيقية على اساس حزبي حقيقي، اذ ان الفصائل ان هي الا احزاب سياسية تمارس الفعل المقاوم. الى ان صدمونا بانهم عرب وعرب بامتياز، وقادرون على خوض الحروب الاهلية، حتى وهم يحاربون اسرائيل..او بالاحرى يواجهون حربها.
لا حاجة لاستعراض الماضي، حتى الامس. ولكن عندما يقول خالد مشعل ان ما هو امام المقاومة والشعب الفلسطيني هو خوض معركة سياسية صعبة، فان قوله صحيح مئة بالمئة لان القضية تتجاوز فتح المعابر واعادة الاعمار ( وهما ببحد ذاتهما تحد صعب ) بل ان ثمة صمود لا بد من توظيفه، وثمة دمار لا بد من ترميمه، وليس المقصود هنا الدمار المادي فحسب. غير ان ثمة مقلب اخر، وهوالادارة الاميركية الجديدة هي ادارة ديمقراطيين، وبصرف النظر عمن سينجح في اسرائيل، فان المرحلة المقبلة ستكون مرحلة رحلات مكوكية وبرامج تسووية ( شكلية او حقيقية ) ولن نرى هيلاري كلينتون اقل مما راينا اولبرايت. كما انها ستتحرك ووراءها نائب رئيس خبير بالشؤون الدولية وله موقفه من قضية فلسطين، وقد بدا يعلن.
فيماذا يواجه الفلسطينيون؟
بمنظمة تحرير؟ ام بسلطة وطنية؟ ام بجبهة مقاومة تقودها حماس؟
بثلاثة رؤوس عوضا عن الراسين؟ ام يترك للسلطة ان تلعب دورها، وتفتح المنظمة حضنها للجيمع تنظيمات وداخل وشتات، لتكون بالفعل ظهيرا خلفيا للسلطة الرسمية، وهيكلا غير ملزم بما لا يتوافق مع مصلحة شعبه البعيدة لا مع الظرف الاني؟
والسلطة؟ هل يجوز ان تبقى على ما هي عليه سلطة جزء من الجزء لا يرضى عنه احد الا قوى خارج القضية، ام تشكل حكومة تكنوقراط ان هي الا نكتة سمجة في سلطة ليس ما تواجهه بناء خط سكك حديد وتحديد رواتب التقاعد وميزانية البحث العلمي وحق الاجهاض. حكومة ستواجه مفاوضا اسرائيليا وامير كيا، تحتاج الى التكنوقراط كمستشارين ولكنها لا تواجه الا بخبرة سياسية محنكة وايمان مدعم بصحة العقيدة. واذا ما توفر هذا الشرط فلا باس ان تيقى هناك معارضة قوية لانها شرط اساسي من شروط التعلل امام المفاوض.