هل سيدفن الميت؟

صحيفة السبيل، 31-08-2008

اذا كان اكرام الميت دفنه، فهل ينطبق ذلك على البحر الميت؟

الجواب حمله مستشارو الملياردير الصهيوني إسحق تشوفا ليعرضوه على الباحثين والعلماء في «الأسبوع العالمي للمياه» في استوكهولم. حيث قدموا مخططا لدفن هذا البحر  الفريد في العالم  بحجة انه   بدأ يتقلّص ويضربه الجفاف والشّح تدريجاً، وبالتالي بدأت شواطئ الرمل والأملاح والكلس تتكدّس على ضفافه، التي  باتت غير صالحة للسكن وإقامة المستوطنات وإغراء يهود العالم بترك بلدانهم والهجرة إلى «أرض الميعاد». مخطط تشوفا قدم على شكل شريط فيديو استعرض ثلاث مراحل: الاولى تاكيد استحالة امكانية احياء البحر الميت، الثانية تبرير اسباب تجفيفه، والثالثة المشروع البديل المطروح للاستثمار في مكانه.

في الاولى  يتناول المشاريع «العلمية» المطروحة لإنقاذ البحر الميت، وهي تتلخص في اثنين:  الأول، رفع منسوب تغذية البحر الرئيسية من نهر الأردن، والخطة الثانية والوحيدة، تقضي بتغذية البحر الميت بشريان مائي من البحر الأحمر، ويقول الشريط  ان هذين الحلين مستحيلان، اولا لان الجفاف بات يهدد نهر الاردن نفسه والثاني لان الاختلاط المائي السريع بين مياه الاحمر والميت غير مضمون!!

ننتقل الى المرحلة الثانية من الشريط فاذا هي تبرير ايديولوجي ميركانتيلي للخطة: فاضافة الى الحجة العلمية السابقة، هناك حديث التوراة على لسان «يهوه» عن تحويل الصحاري والجفاف في أرض كنعان إلى خضرة يافعة يانعة، وتحديداً «الواحة الكبرى» (عين جدي) في غرب «الصحراء اليهودية».

اما المرحلة الاخيرة – وهي بيت القصيد – فتصل الى المشروع البديل:  وهو يقضي بتجفيف  «البحر الميت» وإقامة نموذج لمدينة شبيهة بمدينة «دبي»؛ مدينة عصرية سياحية ترتفع فيها الفنادق والمنتجعات والمطارات وكل وسائل الراحة والتسلية والسمر التي تجذب الناس والسياح من جميع أقطار العالم، وتحمل معها الثروة والمال. مما سيساهم في   استقطاب يهود العالم إلى «أرض الميعاد»،   حيث يتم انشاء المستعمرات  اليهودية على «ضفاف» المدينة السياحية الجديدة، ويكون بإمكانها، توفير النمو الزراعي والتطور الصناعي والمدارس والمعاهد العلمية والمستشفيات.  ويتطرّق الشريط المصوّر إلى النموذج المصغر الآتي: التخطيط لبناء قناة مائية بطول 166 كيلومتراً من البحر الأحمر إلى البحر الميت، تمر بموازاة المناطق الحدودية بين «إسرائيل والأردن وفلسطين»، وترتفع حولها مصانع للطاقة وتحلية المياه.

هذا المخطط المعروض في استوكهولم كشفت عنه القناة الالمانية الأولى (A.R.D)  عبر   رسالة مراسلها في تل أبيب تورستن تايخمان حملت عنوان  «لسنا بحاجة إلى بحر.. ميّت»،، فيما يعتبر اطلاقا للحملة الاعلامية الممهدة له، واكد تايخمان على ان المشروع   يلقى تاييدا واسعا داخل اسرائيل،  خاصة تاييد  رئيس جمعية «أصدقاء الأرض» جدعون برومبرغ:  والرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز بل وبعض المسؤولين العرب.

اما  تشوفا  الملياردير الذي بنى ثروته1998،عبر تعهد بناء المستوطنات لليهود السوفييت المهاجرين ومن ثم أسهم في شركة «ديليك» الإسرائيلية، وهي ثاني أكبر شركة لاستخراج النفط والغاز الطبيعي.  فقد وعدً بأنه سيقوم بتمويل مشروعه الجديد من جيبه الخاص، وهو لن يستخدم أموال الدولة العامة. وعليه، فقد بدأ إعداد النموذج المصغّر لقيام هذه المدينة السياحية فوق مقبرة البحر الميت.

هو شرق اوسط شيمون بيريز، يتحقق خطوة خطوة كيسنجرية، وباسم القطاع الخاص الذي يندرج تحت يافطة ” المستثمرين الاجانب ” الذين لا يعترض عليهم احد، بل ويتبرج الجميع لاجتذابهم، وهي الحلول الممتازة لتفعيل الهجرة اليهودية التي بدات تتراجع بل وتموت ولتمدد دولة اليهود دون الحاجة الى حروب.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون