تركوا غزة مرغمين، ليرغموا اهل عكا على ترك بيوتهم ، فهل هي بداية عملية تبادل السكان قبل تبادل الاراضي ؟
ام انها النتيجة المنطقية التي لا بد وان تؤول اليها – عاجلا ام اجلا – طبيعة الدولة الدينية ؟ وبالعودة الى اسئلة بديهية تبدا من سؤال: ما الذي جاء بهؤلاء من بلدانهم في شتى اصقاع الارض الى هنا ؟ يطرح الجواب المباشر عليه جوابا على كل ما يحدث وما يمكن ان يحدث. هؤلاء جاؤوا لقناعة دينية عميقة لديهم بان هذه الارض هي ارضهم، وبالتالي فان كل الموجودين عليها هم دخلاء، بل ورجس لا بد من محوه. واذا كانت الظروف الاقليمية والدولية قد تجبر قادتهم على الاعتراف بما اعترف به مؤخرا ايهود اولمرت، من استحالة تحقيق حلم اسرائيل الكبرى، فلتكن اسرائيل الحالية، على الاقل نموذجا للتطهير العنصري ، الذي لا يرون فيه عيبا.
من هنا فان المطلوب ازاء احداث عكا هو حملة اعلامية دولية منظمة، تبدا من وثقة الاستقلال التي نصت على دولة اليهود، الى تصريح مختلف التيارات، الممتدة اوفاديا يوسف الاكثر تعصبا وربما الاكثر صراحة، فحسب، الى المؤرخين الجدد، الذين كانوا يعتبرون رمز الاعتدال واذا بهم يقولون مؤخرا ان اسرائيل اخطات منذ البداية بعدم طرد كل العرب. ومن اييل شارون الذي كان يصرح علنا بانه كان من الافضل لو ان المنظمات الصهيونية قتلت مليون شخص اضافي وخلصت اسرائيل من عربها، والى اسحق رابين – حامل جائزة نوبل للسلام – بانه يتمنى لو يصحو فيجد البحر وقد ابتلع غزة وعلى الارض وقد ابتلعت عرب الضفة.
الجزء الاول من هذه الامنية سوقته وسائل الاعلام بقوة لكنها عتمت على الجزء الثاني ولا ندري لماذا.
الى جانب الحملة الاعلامية المطلوبة، بل ومن ضمنها يسجل العرب والفلسطينيون نقاطا متقدمة بقوة عندما يطرحون ان كلا الحلين اللذين يصير الحديث عنهما دوليا يصطدمان بالطبيعة اليهودية لدولة اسرائيل التي اعترفت بها الامم المتحدة كذلك. فحل الدولتين يعني دولة فلسطينية تعددية تضم في حضنها مواطنيها المختلفي الدين والمذاهب، ودولة يهودية احادية عنصرية. اما حل الدولة الواحدة الديمقراطية، فهو يفترض بالدرجة الاولى المساواة بين المواطنين على اختلاف اعراقهم واديانهم، وهي بذلك مستحيلة بالمنطق الصهيوني. اذا فالكلام عن حل للمسالة الفلسطينية هو مجرد هراء طالما لم يقم حل للفكر الصهيوني نفسه، الذي لولاه لكان اليهود المهاجرون قد اندمجوا بالمجتمع القائم مثلهم مثل كل الهجرات التي استقبلتها بلادنا قديما وحديثا، واخرهم الشركس والارمن والشيشان الذين اصبحوا مواطنين لا يطرح وجودهم اية مشكلة.
واذا كان استغلال الاحداث اعلاميا وتعبويا هو امر هام، وفرصة لا يجب تفويتها محليا وعالميا، فان المقلب الثاني من الواجب يقع في دعم عرب الثامنة والاربعين بخطة سياسية اقتصادية تربوية تهدف بالدرجة الاولى الى تثبيتهمفي ارضهم، كي لا تتكرر مرة ثانية ماساة اجدادهم، وبشكل لا يقل خطورة.
2000الجليل والمثلث 13 عربي تبرير استخدام الرصاص