مبدعة للقيادة

ثقافة، فنون، فكر ومجتمع، 22-08-2015

ليس من مدخل نسوي وإنما اجتماعي فكري سياسي، ينتخب تيار قوي جامع في رابطة كتّاب أهلية مستقلة سيدة لقيادة قائمته الانتخابية، ما يجعلك كإنسان وكمثقف تشعر بجدوى العمل العام ، خاصة عندما يتم هذا الانتخاب بطريقة ديمقراطية بحتة، في معركة جدلية حامية وطويلة وبناء على معايير ثقافية وفكرية وسياسية معلنة في بيان مكتوب.

يكتمل الإعجاب عندما يتنازل قائد تيار آخر يحمل اسم الثقافي ، ليقبل بأن يكون نائباً للرئيس (للرئيسة) ، رغم أقدميته القاطعة في العمل النقابي والثقافي النضالي وبقامته الإبداعية الكبيرة يتجاوز هذه الاعتبارات المحقة كي ينقذ المعايير والموقف عبر إنقاذ التحالف بين تيارين يتشابهان في طروحاتهما ، لإنقاذ الانتخابات ، يساعده في قراره أنه ينضم إلى كاتبة لا تقل عنه إبداعاً ولا تلين عنه موقفاً ولا يعيبها أي غبار فساد.
روائيان من الأهم على الساحة العربية: كفى الزعبي ويوسف ضمرة ، تمكنا معاً، وبدعم كتلة صلبة من الكتّاب التقدميين الوطنيين ، من كسر الاصطفافات الكيانية الانعزالية والعشائرية والجنسوية والمنفعية والشللية ، ليقودا قائمة من القامات الكبرى ، تضم أيضاً سيدة أكاديمية وناقدة ، وشاعرين مناضلين وباحثين كبيرين ، على كتف كل منهما عشرون سنة أسر في سجون الاحتلال، وإنجازات بحثية وأكاديمية موسوعية. يعزز الجميع حضور جميل عواد، الفنان الكبير والتشكيلي والكاتب الدرامي طويل القامة واقعاً وإنجازاً ، والرجل الذي لا تجعلنا جولييت عواد نحتاج إلى برهان على قناعته بالمرأة ، وإتقانه للسير كتفاً إلى كتف من دون افتراق خطوة لا في الموقف ولا في الإنجاز.
برهان قدمه جميع أعضاء تيار القدس الذين احتشدوا في الهيئة ليصوتوا لسيدة مبدعة ضد رجلين يشكلان بدورهما قامات عالية ، من الأكاديمي التاريخي والقومي الصلب د.سمير قطامي، إلى أستاذ الفلسفة د. جورج الفار.

وبصرف النظر عن نتائج انتخابات التيارات، وعن نتائج الانتخابات العامة في رابطة الكتّاب الأردنيين، وعما سينتج عنها من تشكيل للهيئة الإدارية سيتوزع بين مختلف اللوائح، فإن الخطوة التقدمية قد تحققت على المستويين الاجتماعي والثقافي.

طالما استطاعت رابطة الكتّاب الأردنيين، كهيئة أهلية ثقافية مستقلة، تختلف عن معظم اتحادات الكتّاب في العالم العربي التابعة للأنظمة ، أن تختار بصراعاتها الإبداعية – الثقافية- السياسية، مبدعات سيدات ، وهيئات ومرشحين من مختلف الطوائف والأديان ، ومن مختلف الأصول، على أساس المواقف والآراء فحسب. وهي تقدم بذلك نموذجاً وطنياً ، ثقافياً مناضلًا، نموذجاً لما يجب أن يكون عليه المجتمع المدني، والدولة الحديثة التي تحترم التعددية بمقياس الكفاءات وليس بالغرق في المحاصصة البغيضة المدمرة للمعايير ولمعنى المواطنة.

وأياً تكن نتائج الانتخابات وتوازناتها ، فقد تحقق إنجاز بتشكيل قائمة بهذه الصيغة. تثبيت المصدّات الاجتماعية المتحضرة في وجه قوى التفجير الذاتي والخارجي ، وتثبيت الموقف الثقافي عالي المعايير ، وفوز للموقف الأخلاقي في عصر الفساد المحيط بنا في كل مكان، وفوز للموقف السياسي التعددي ، الملتقي على ثوابت مدنية واضحة.
وإذا كنا نضع دعم الفكر التنويري كطريق أنجع لمقاومة الفكر الظلامي التكفيري فإن اختيار امرأة روائية كبيرة ، تنويرية ، جريئة ، عابرة للحدود ثقافياً ، هو استهلال مقالة الرد. نتمنى مثلاً أن تقود ناديا خوست اتحاد الكتّاب في سوريا، ويمنى العيد اتحاد الكتّاب في لبنان ، وحمدة خميس اتحاد كتّاب البحرين ، وسحر خليفة أو مي الصائغ اتحاد كتّاب فلسطين. لا لنطرح نساء بل قامات إبداعية ونضالية وتاريخاً.

http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/ddaf8b27-5368-4584-b7b2-c7f44c07e947

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون