لكأنه هبط من القمر، او من حلم وردي كان يعيشه هناك، فوقع في حضن شيمون بيريز وصدم بان القتل ما زال يتم على الارض، وعلى التحديد على الارض الفلسطينية!!! سلام فياض لم يات الى تل ابيب من رام الله، لا ولا هو سمع باخبار غزة، وعلى طريقة جورج بوش، هو لا يشاهد التلفزيون ليرى صور القتل والجريمة التي تنفذها اسرائيل يوميا في الاراضي الفلسطينية المحتلة. ( بل ان جورج بوش لديه لورا لتخبره بما تقوله وسائل الاعلام، ويبدو ان زوجة رئيس الوزراء الفلسطيني لا تفعل ذلك ) كذلك يبدو ان فياض قد غاب عن الوعي منذ انابوليس، ولم يصح الا على صوت رصاصات قتلت الجنديين الاسرائيليين. وكان قد اعتقد ان الارض الفلسطينية قد تحررت بعد انسحاب اسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية، فاصابه الحزن لان عملية القتل هذه تخرب المنجز الذي ناضل الفلسطينيون لاجله قرنا من الزمن؟
وبما ان السلاح الذي كان يحمله الجنديان الاسرائيليان هو سلاح موجه ضد اعداء الامة العربية كلها، ومكرس لحماية امن ومصالح المواطن الفلسطيني، فقد كان من الطبيعي ان يصادره الامن التابع للحكومة الفلسطينية، ويسلمه لاسرائيل، بل ويعتقل من كان بحوزته، ويشك في انه تورط بقتل حامليه الاصليين.
لم يمسك الريس العتيد بالسلاح المصادر، ليحس بحرارة اليد الاسرائيلية عليه، ولم يقترب منه ليشم عليه رائحة الدم الفلسطيني الطازجة ابدا. لكنه كرجل ذي اناقة رجال الاعمال يعرف من القصة كلها، ان هذا الاعتداء قد يؤخر الاموال التي يمكن ان تاتي لحكومته، لا لتحسين حياة الفلسطينيين بل لشراء ولائهم، وضمان هيمنة فتح، بل وخط ما من فتح ومن حوله من الاخرين. ولكنه نسي في غمرة انشغاله بالرضى الدولي ان القانون الدولي وجميع الاعراف في صفه لو ارداد ان يتخذ موقفا غير هذا الموقف المشين، لان الجنديين لم يقتلا على ارض الثامنة والاربعين التي يعتبرها القانون الدولي دولة اسرائيل، وانما على ارض السابعة والستين التي يعترف الجميع بانها ارض محتلة، ستقوم عليها الدولة الفلسطينية التي يفترض ان تكون لها السيادة ضمن حدودها.
انه يوم حزين فعلا،واكثر من حزين، اليوم الذي يقف فيه رئيس وزراء فلسطين هذه الوقفة ليقول كلاما كهذا الذي قاله سلام فياض!!