خطوتان استهل بهما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ولايته : السعي لطلب يد الغاز الجزائري، ورفع راية الاتحاد المتوسطي. دعوة بدا التطبيل لها منذ زيارته الاولى الى المغرب العربي التي شملت الجزائر وتونس. وفي حين اعلنت الحكومة التونسية ترحيبها بالامر، تحفظت الجزائر، الى ان اعلنت موقفها بوضوح في الزيارة الاخيرة للرئيس القادم على غيمة من الغضب اليهودي ازاء تصريحات وزير قدماء المجاهدين. الوزير المجاهد قال ببساطة : ان اللوبي اليهودي هو الذي حمل ساركوزي الى سدة الرئاسة، وهذا الامر يعرفه الجميع، ولم يخفه الرئيس الذي بدا طريقه نحو الاليزيه بزيارة الى الولايات المتحدة قبل اربع سنوات بداها بلقاء الايباك، ومن ثم البيت الابيض، لتليها زيارة الى اسرائيل للمشاركة في مؤتمر هرتزليا. وتتالت المحطات والتصريحات التي كللها قوله بان اسرائيل هي معجزة القرن العشرين.
المهم ان رئيسا عربيا متوسطيا وقف وقال : لا اتحاد متوسطي قبل حل القضية الفلسطينية. حتى ولو كان الرئيس الفرنسي قد رد عليه بان الاولوية لحماية امن اسرائيل. والمهم ايضا ان رئيس وزراء هذه الدولة عبد العزيز بلخادم، قد وقف لمنع مرافقة المطرب الصهيوني المتطرف المزدوج الجنسية انريكو ماسياس للرئيس الفرنسي الى البلد التي ولد فيها وشاركت اسرته على ارضها في ابشع المجازر بحق الثورة الجزائرية. وان الوزير محمد شريف قد قاطع الزيارة. مما دفع الوزير كوشنير الى تجاوز الاصول الديبلوماسية، بل والتهذيب، بالقول للصحفيين : من هو شريف هذا ؟ لم اسمع به، ولساني يرفض النطق باسمه.
والمهم ايضا ان رئيسا عربيا اخر هو العقيد معمر القذافي عاد ليؤكد الموقف نفسه بقوله : لا اتحاد متوسطي يضم اسرائيل. ليرد عليه ساركوزي : بل ان اسرائيل هي قلب هذا الاتحاد. مما يكشف بوضوح كون المشروع مجرد مشروع لفرض التطبيع من اعلى وبواسطة العلاقات الديبلوماسية، ولفرض ادماج اسرائيل مع عدد من الدول العربية ضمن دائرة تسلخ هذه الدول عن بقية العالم العربي.
لكن ما اهم بكثير من هذا الكلام الجيد، هو ان الفعل لم يتبعه داعما وانما مناقضا. فقد عاد ساركوزي من الجزائر بكل ما اراد من عقود، ووصل مع القذافي الى مليارات مشابهة من العقود. فما قيمة الكلام اذن ؟ قد يقول قائل ان هذه العقود هي لفرنسا الصديقة، ولكن هل كان من المستحيل ربطها بشروط معينة تتسق مع التصريحات المذكورة ؟ واذا كان من المؤكد ان الرئيس الجديد بحاجة الى هذا النجاح الاقتصادي لتدعيم سلطته، فان ذلك يعزز ضرورة فرض الشروط السياسية، كي لا تعزز مجانا قوة ارتباط قوي باسرائيل، ارتباط لا يبذل هو اي جهد لاخفائه ؟