مرة وعدنا الاسرائيليون بالتفاوض لمدة عشرين سنة الى ان يكون التطبيع قد تحقق تدريجيا على الارض وسقط كموضوع تفاوض.
لم تعد السنة العشرين ببعيدة، والان تتحدث الانباء عن انابوليس 2 وانابوليس 3، هذا فيما الاول لم يعقد بعد. وفيما يبدو ان كل ما سيتحقق فيه هو تمرير حزمة جديدة من اجراءات التطبيع الكبيرة مع الخليج العربي، خزان الثروة التي لا تغفل عنها العين الصهيونية.
انابوليس 2 سيكون، على ما يقال، وعدا لسوريا، اذا ما قبلت بالمشاركة في الاول، بدون تلبية طلبها في ادراج مسالة الجولان على جدول الاعمال. والاستعاضة عن ذلك بتضمين البيان الختامي وعدا بعقد انابوليس 2 يكون مخصصا للجولان.
مسالتان اساسيتان في الستراتيجية الصهيونية الاميركية يتضمنهما هذا الترتيب : الاولى، تمديد امد المفاوضات الى ابعد مدى ممكن، لاعطاء فرصة للامر الواقع على الارض كما قلنا. والثانية عدم السماح بالمساس بمبدا فصل المسارات، الذي ننسبه دائما لكيسنجر، لكن الواقع انه مبدا صهيوني غربي اساسي، منذ اقتران وعد بلفور بمعاهدة سايكس بيكو.
سؤالان يبرزان هنا : هل ستقبل سوريا بهذا العرض ؟
واذا ما قبلت، هل سيحقق انابوليس، من الاول الى العاشر شيئا لصالح الطرف الفلسطيني والعربي ؟
بالنسبة للسؤال الاول، معروف ان كما كبيرا الضغوطات والاغراءات تمارس على دمشق، للحصول على موافقتها، سواء من طرف الفرنسيين، الذين كثر مبعوثوهم غير الرسميين الى عاصمة الامويين، او من قبل الاميركيين، الذين يلوحون بعدة اوراق منها ورقة لبنان. لكن المعروف ايضا ان الوضع المحيط بسوريا نظاما ودولة ليس الان في اصعب حالاته، فقد مر بازمات اكثر خنقا وحدة، خاصة بعد احتلال العراق مباشرة، يوم كان الكثيرون يحزمون الحقائب للعودة على طريقة احمد الشلبي. مما حفز خدام للالتحاق بهم في الخارج علهم يحملوه معهم الى الداخل. والان سقط الرهان، ربما بفضل المقاومة العراقية واخطاء الادارة الاميركية، وربما بفضل سياسة النفس الطويل السورية. فهل ستقدم القيادة تنازلات لم تقدمها في الايام الصعبة.
اما السؤال الثاني، فلا شك ان ثمة من يؤيدون الخيار السوري، في القيادة الاسرائيلية، خاصة ايهودا باراك الذي عاد يكرر نظريته في ان السلام مع سوريا اسهل واكثر فائدة منه مع الفلسطينيين. لكن المؤكد ايضا ان هؤلاء لا يرون الخيار الدمشقي الا وفق شروطهم والا فالمفاوضات حتى عشرين سنة اخرى.