مرة قيل لبسمارك : موحد اوروبا. فاجاب لست انا بل سكك الحديد. واليوم عادت احدى الصحف الفرنسية لتكتب عن الاضراب الذي يعم الجزء الاكبر من اوروبا، بان اضراب سكك الحديد وحد اوروبا !
لست هنا لاناقش امر اوروبا من وحدتها الى اضراباتها، ولكنني كلما رايت او قرات شيئا هنا في باريس فكرت بما يماثله او يعنيه في بلادنا. واذا كنا طلما فكرنا بدور المواصلات في ربط الدول العربية، خاصة الدول التي تشكل وحدة جغرافية لم تقسم الا على يد الاستعمار الاوروبي، فاين سكك الحديد بين دول سوريا الطبيعية او بين دول المغرب العربي او بين دول الخليج مثلا ؟ فان ما دق جدران القلب بحدة هذه المرة هو التفكير بما يجري على صعيد طرق المواصلات في فلسطين المحتلة. هناك تخطط طرق المواصلات بدقة كي تقسم وتشرح جسد البلد وتمنع سريان الدورة الدموية فيه، مما يؤدي الى شله ومن ثم موته. الطرق الالتفافية، الطرق المتشابكة، الطرق الممنوعة والحواجز الكبيرة والصغيرة الخ… مما نعرفه نحن نظريا ويعيش جرحه وشلله اهل فلسطين يوميا ( ومن ياكل العصي ليس كمن يعدها مهما كان متالما وصادقا. ) طرقات لم تنشر كالشرايين المتدفقة بالحياة الموحدة، بل كالاغلال المقيدة للحركة وكالمشانق القاتلة. صودرت لاجلها الاراضي ودمرت لاجلها البيوت وشرد الناس، لكن الاهم انها حولت البلد الى جزر معزولة، فاذا هي طرق القطيعة لا طرق المواصلات.
هذا ليس كلام انشاء، والاحالة الى بيسمارك موحد المانيا تثبت ذلك. والسؤال المنطقي المبني على ذلك هو هل اعطى المهتمون العرب والمقاومون الفلسطينيون الاهتمام الكافي لمسالة طرق المواصلات في الاراضي المحتلة ؟ هل ربط هذا الموضوع بموضوع المستوطنات في بقجة واحدة ( طالما ان ابو مازن يحب كلمة البقجة وتهربا من كلمة السلة التي توحي بمثال الماء في السلة ) ؟
سؤال لا نطرحه على مؤتمر انابوليس القادم ليس لانه لن يوفق الى بحث اي امر من الامور الاساسية من مثل الحدود والمياه واللاجئين،او حتى من امور الدرجة الثانية، ولا حتى من امور مهمة كمسالة الطرقات بل لان مؤتمر انابوليس لم يصمم ابدا لحل القضايا الفلسطينية، بل للتغطية على السياسيةالاميركية في المنطقة.