الصفقة الفرنسية!

صحيفة السبيل، 23-12-2007

” هو حصل على زيارته ونحن حصلنا على العقود ” هكذا، وبهذه البساطة دافع كلود لولوش عن استقبال باريس للعقيد القذافي. وذلك في حلقة تلفزيونية ضمت عددا من القيادات السياسية في فرنسا من بينها: لوران فابيوس ( رئيس الوزراء السابق عن الحزب الاشتراكي، برنار غيتا الكاتب في مجلة لوبوان فرانسوا هيسبورغ و موريس صفران  السياسي اليهودي المعروف بكتابه ” اليهود في السياسة الفرنسية ”  كانت الانتقادات الاشتراكية منصبة على مسالة حقوق الانسان ولكن ما من احد يجهل ان السبب الحقيقي هو ان العقود التي اعطاها القذافي لساركوزي تقوي موقف اليمين الحاكم بشكل كبير. مما جعل مستشاره يعلق: انا اكره هذا الرجل، وقد كرهت خيمته، وكرهت سيره في شوارع باريس، لكن علينا ان نعترف ان ذلك كان في مصلحتنا!”

واذا كان الحوار قد عكس بشكل لا يحتمل في وقاحته، الاحتقار والاستعلاء والتعامل مع ليبيا والقذافي ( بما ينسحب بنسبة او باخرى على كل العرب ) كاناس دون، محتقرين ولكنهم يمسكون بيدهم ثروات يجب سحبها بطريقة او باخرى ( ولو بتحملهم مكرهين او بالضحك عليهم )  فان ذلك يحمل دلالتين الاولى تنسحب على  الغباء السياسي الذي يسم مسؤولينا، وعجزهم عن فرض احترامهم واحترام شعوبهم على الاخرين، والثانية تنسحب على التعالي العنصري، والغطرسة التي تسم نظرة الغرب بغالبيته الينا. دون ان يكون لنا الحق في لوم هذا الغرب، طالما اننا نقبل بذلك.

كذلك كشف الحوار عن ان الصفقة بدات مع اطلاق سراح الممرضات البلغاريات، حيث كان ساركوزي بحاجة لتحقيق انجاز ديبلوماسي  في بداية عهده، لتعزيز موقعه داخليا واوروبيا، وكان الثمن الذي طلبه القذافي هو هذه الزيارة… قبل الرئيس الفرنسي بالمقابل، على ان يحصل مقابله عقود بعشرة مليارات دولار، قال المسؤول الفرنسي الذي كان يدافع عن الزيارة، في تلك الندوة: ” انها عقود تصب، دون ادنى شك، في مصلحة الشعب الفرنسي، ولست على ثقة من انها تخدم مصلحة الشعب الليبي!”

هنا تتبلور مصلحة الغرب ( وحتى الشرق ) في الحفاظ على هذه الانظمة المهترئة المستعدة لدفع المال والكرامة مقابل بقائها على راس الهرم المرصوف برؤوس الناس واحلامهم.  وتتبلور اكثر مسؤوليتنا عن الابقاء على التخلف الاجتماعي والسياسي المكون لهذه الصورة نقطة اخيرة، وقد تكون بديهية وهي ان الجانب الرئيسي من النقاش قد انصب على مصلحة اسرائيل في هذه العلاقة مع القذافي، وما اذا كانت ليبيا ما تزال تشكل شيئا من الخطر عليها، وضرورة تقييدها كليا ازاء هذا الموضوع.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون