لم يعد الامر يحتاج الى عبقرية تحليلية، ولا هو من باب السبق القول بان واحدا من اهم اهداف احداث نهر البارد الاخيرة هوو تهجير الفلسطينيين من المخيم تمهيدا لشيء ما يتعلق بالبند الذي يعيق مسيرة مبادرة السلام العربية، على الطريق الاسرائيلي، أي بند حق العودة.
واذا كانت المعلومات الواردة من لبنان تتضمن خبرين يحملان دلالة كبيرة: الاول ان وكالة غوث اللاجئين الاونروا قد طلبت من مدارسها انهاء الامتحانات قبل 15 ايار، أي قبل اندلاع الاحداث بيومين. كما طلبت من موظفيها اعداد حقيبة صغيرة تحتوي الضروريات اللازمة للسفر بسرعة طارئة. والثاني هو ان بيوتا جاهزة قد اعدت لاستيعاب النازحين من مخيم البارد قبل الاحداث ايضا. فان من شان هذين الخبرين ان يلقيا الضوء على احد اسباب تمركز واعتصام فتح الاسلام في المخيم، بعد دخولها الى لبنان. كما يلقي الضوء على سبب من اسباب دعم الحكومة اللبنانية وفريق الحريري تحديدا لها ولوجودها، ومن ثم توقف هذه الجهة فجاة عن الدعم المالي الذي كان يسلم عبر بنك البحر المتوسط في بلدة اميون الشمالية، مما استفز هذه الجماعة لمهاجمة البنك، فردت قوى الامن الداخلي التابعة للحكومة بمداهمة المعتدين في احدى الشقق التي تعتبر مركزا لهم، ومن الواضح ان المداهمة تمت بناءا على معلومات استخبارية دقيقة متكونة لدى فرع المعلومات التابع للسنيورة، الداعم السابق للمنظمة الارهابية. بحيث تتشكل اسئلة خطيرة : هل ان سرقة بنك المتوسط اخطر من تفجير باصات عين علق، وقبلها من تفجير مطعم الدورة الذين ثبت تورط التنظيم فيهما وتدخلت قوى الحكومة لاخراج المتهمين من السجن بكفالة؟ ام ان الوقت لم يكن قد حان بعد، وفق ما تم التخطيط له منذ سمح لهؤلاء بالدخول الى لبنان؟ اما السؤال الثاني فهو: لماذا تم قتل جميع الموجودين في المركز وعددهم 17 عشر شخصا، ولم يلق القبض على أي منهم حيا، فهل اريد لهم ان يدفنوا معهم ما يعرفوه حول علاقاتهم السابقة وربما حول الجرائم السابقة التي كلفوا بالقيام بها؟ لماذا لم يتم ابلاغ الجيش المعروف بموقف المخالف لموقف قوى الامن وخاصة فرع المعلومات بالقضية، وهل يكفي العذر الطفولي بان الهاتف لم يرد؟ ولماذا كان على الجيش الان ان يدفع ثمن هذا التورط الحقير، ويدفع معه الفلسطينيون المساكين؟
اسئلة تبقى اجرائية امام السؤال الكبير عن سبب شهر العسل القائم بين السلطة الفلسطينية والحكومة اللبنانية حول هذا الموضوع. وهل يمكن تفسيره فقط بالمنافسة بين فتح والاسلاميين؟ واذا ما قرناه بالمباركة الاميركية والسعودية، وبما ركز عليه رئيس الجمهورية في حديثه للجزيرة عن ارتباط ما يحصل بحق العودة، وعن الانباء التي تحدثت عن خطة لبنانية تقضي باخراج الفلسطينيين من المخيمات ومنحهم جوازات سفر تابعة للسلطة الفلسطينية ومعها اذن عمل لبناني محدد باطر معينة، ومن ثم تسهيل هجرتهم الى دول تحتاج الى الايدي العاملة من مثل كندا واستراليا.كما تحدثت عن موافقة المراجع الدينية في لبنان على ذلك مقابل منح مسيحيي العراق وعلى الاخص الموجوجودين منهم في سوريا وعددهم 250 الفا، اقامات واذونات عمل في لبنان. افلا يؤدي بنا ذلك كله الى الحديث عن اكثر من تمرير مبادرة السلام العربية، عن عملية فرز ديني وطائفي جديد،عن اكثر من ترانسفير؟