ما الذي يقف وراء مبادرة الستراتجيين الاميركيين اليهود الى الكشف عن اكذوبة تهمة اسلحة الدمار الشامل في العراق؟
اما ان تكون المعركة الانتخابية بين انصار جورج بوش وتوني بلير من جهة وبين خصومهما من جهة ثانية
واما ان تكون المنافسة الاقتصادية على خيرات العراق التي لا حد لها والتي يصر فريق التجتار المحيط بجورج بوش على الاستئثار بها بوقاحة احتكارية لا حد لها هي الاخرى
واما ان يكون خصوم الحرب اولئك الذين ضجت بهم اروقة السياسة، كما الشوارع في الغرب، هم الذين لم يرموا سلاحهم بالسرعة التي رماها به العرب بما فيهم اكثر العراقيين، وها هم يدخلون جولة جديدة ضد المغرمين بالذهاب الى الحرب
ومن بين هؤلاء، الكثيرين من الذين جاءت احداث الرياض والمغرب لتؤكد مخاوفهم من الفوضى التي ستسود المنطقة والعالم نتيجة الزلزال العراقي، والتي لن تتاخر نارها عن تجاوز المنطقة الى المناطق الاقرب جغرافيا ومن ثم الى العالم، ومعهم الكثيرين ممن يدركون حجم الخطورة الاقتصادية التي ستترتب على بلدانهم ومستقبلهم نتيجة ذلك ايضا، ومعهما اولئك الذين يرون بعيني زرقاء اليمامة ما معنى العودة الى النعايير القبلية العرقية والدينية بل والطائفية في رسم الخريطة السياسية داخل بلد ما.
واما ان تكون الميركانتيلية السياسية، هي التي تقتضي الالتفاف على جريمة كبيرة كبيرة بالتخلص من مرتكبيها بدلا من تصحيح الوضع الذي طالته، حيث تقتضي هذه الميركانتيلية فتح ابواب انكشاف الاكذوبة الكبرى حول ذريعة العدوان على العراق، لان ذلك سينكشف عاجلا ام اجلا، اذن فالذي يسرع الى الادانة، يضع نفسه خارج التهمة ويلبسها لسواه، ومعروف ان ذلك اسلوب برع فيه الستراتيجيون اليهود والصهاينة، وعليه كان وولفوويتش الذي طالما لقب بصاحب هاجس العراق، اول من تحدثث عن حقيقة الاكذوبة، ليليه على استحياء رامسفيلد وبعض الاخرين ممن كانوا اشد المتطرفين في الدعوة الى الحرب، اما الان وقد حصلت فلا باس عليسهم من الالتحاق بزعيمهم ريتشارد بيرل الذي سارع الى الاستقالة ما ان وضع اللمسات الاخيرة على استراتيجية العدوان وما بعده.وليكن جورج بوش بسذاجته وغطرسته العمياء، ومعه الاخرون منغير الستراتيجيين اليهود من يتحمل دم الجريمة ومسؤولية الفشل.
الفشل اجل، فالنجاح في دخول بغداد لا يعني باي حال النجاح في الخروج منها.
وادارة الحرب كانت امرا متيسرا اما ادارة ما بعد الحرب فلن تكون الا الغرق في مستنقع رمال متحركة، والتيه في مجاهل لا يعلم غياهبها الا الله.
والاوربيون الذين حاولوا ان يمنعوا حربا لم تكن في صالحهم ثم ان يقفواعلى الحياد حال حدوثها لانهم لم يكونوا متحمسين كثيرا لصدام حسين، هم الان اكثر تماسكا واكثر حماسا ولن يقفوا مكتوفي الايدي تاركين النجاح الاميركي يستقر على ابوابهم.
بل ان العراقيين انفسهم بمن فيهم الذين لم يكونوا يكنون الحماس الكبير للوقوف في وجه الاميركيين، اما عن جهل رهيب، واما عن ياس من النظام نفسه، واما عن حقد غبي، واما عن تعب افرزه الحصار، هؤلاء جميعا سيعلمهم الاحتلال درسا ممتازا في الكرامة، وفي انعدام الخيار بين العبودية والتمرد، وفي سرابية اوهام الترف والكسل على النمط الخليجي، وفي الخدعة الكبيرة التي سقط فيها المصريون قبلهم: حلم الانفتاح.
وبذكر مصر يقودنا التحليل الى السؤال: هل ستكون نهاية جورج بوش وفريقه اشبه بنهاية انور السادات، سوء كان الاغتيال فعليا ام سياسيا، ليذهب حاملا وزر الجريمة ومحملا بمسؤولية الفشل، لكن دون ان يذهب شيء من الجريمة نفسها، بل لتكرس وقائعها ونتائجها بشكل ارسخ. ولتكون القيادة التالية اكثر حرية في متابعة المشروع لصالح اطراف ثلاثة كانت المستفيدة والدافعة اصلا: اللوبي اليهودي واسرائيل،
المجمع الصناعي العسكري، واللوبي النفطي.وكل من الثلاثة متداخل مع الاخرين.
نقول ذلك وليس في القلب الا تمني الفضيحة والفشل الكثر فاكثر، وليس فيه ادنى تعاطف مع بوش او بلير ومن معهما، ولكن فيه غصة سببها ان اليهود هم الذين يخرجون دائما الرابحين من اللعبة، وانهم تعلموا بذكاء شديد الدور الذي لعبه عليهم بيلاطس يوم اسلمهم المسيح وغسل يديه من دمه، لان ايديهم لم تعد تحتمل دوليا اكثر من الدم الفلسطيني، لكن عطشهم ومخططاتهم يتجاوزانه بكثير.