الغاز فخامة الرئيس

اقتصاد سياسي، 05-04-2014

لم ولن تكون الرئاسة في لبنان شانا لبنانيا.

ولكنهم يتفاوضون. فعلام يتفاوضون ؟

في فن الدراما ثمة نظريتان حول التمثيل : واحدة ترى الابقاء على مساحة بين الممثل والشخصية التي يؤديها بحيث لا يفقد الاول سيطرته على الثانية ونظرية ترى الاندماج في التقمص. فاي من هاتين النظريتين يتبنى اللاعبون اللبنانيون؟

علماء الكلام يسهبون في الكلام وكأن لبنان قارة عظمى او جزيرة معزولة في احد المحيطات، ولكن لاعبي السياسة يعرفون جيدا انهم مسرح دمى ناجح. كما يعرفون ان ذكاء الصعود الى مرتبة الاكثرية تمكنهم من دور رئيسي في المسرحية. ثلاث اكثريات : حزب الله، الحريري وبينهما ميشال عون. والاخرون لبقية الادوار. ايران، السعودية وما بينهما. الولايات المتحدة المستقرة على الساحة وروسيا القادمة بقوة وتصميم  وما بينهما.

الرهان القديم الجديد هو رهان التركيبة الاقليمية وفي القلب منها وجود اسرائيل وامنها، اما الرهان الجديد الاهم فهو الغاز.

انه الغاز يا غبي، ودائما كيسنجر.

الصراع على الغازعقدة الحرب السورية، الصراع على الغاز عقدة ما يحصل في غزة، عقدة ايران وقطر ودول الخليج، عقدة الجزائر، عقدة الصراع الروسي – الاميركي – الاوروبي.

الصراع على الغاز محليا قائم منذ ثنائية رفيق الحريري – اميل لحود، وهو السبب المفصلي في خلافهما العميق.

وفي الاستمرارية ذاتها يتفاوض عون والحريري، ويعمل جنبلاط وبري على حجز حصتهما بلعب دور بيضة القبان.

الغاز! يلوّح عون به للسعودية او للحريري، ويلوّح به مهددا عبر زيارة ممثله جبران باسيل الى موسكو، حيث يتحدث باسيل في مؤتمره الصحافي مع لافروف عن امرين : الغاز وتسليح الجيش. يغضب السعوديون فيغضب الحريري. يحجمون عن تاييد عون.. ينقل اللقاء بين باسيل وسعد الى باريس بدل الرياض. الجناح الاخر في تيار المستقبل، جناح فؤاد السنيورة يرفع الصوت عاليا : الغاز ليس للبيع لاي كان. يقطعون الطريق على الحريري فيما لو اراد التساهل لقاء صفقة ما، لا يحصلون هم فيها على حصتهم.الاحتياط واجب!! تتعثر مفاوضات باريس عندما لايتوصل التياران الى اتفاق بشان الغاز!  ياتي موعد جلسة مجلس النواب يوم الاربعاء، يقاطع التيار الوطني الحر وحزب الله الجلسة،  لكن جنبلاط وبرّي يحضران بكتلتيهما  معلنين تمايزهما، ومن ثم يعقدان اجتماعا مطولا بعد ارجاء الجلسة. يريدان حصتهما في الغاز. الامر ليس جديدا ولا اسرار في لبنان.

بري واضح الغضب لانه لم لم يتلق بعد معلومات عن نتائج اجتماعات باريس بين الرئيس الحريري والوزير باسيل، وعليه يصرّح: «إذا حصل أمر إيجابي أو اتفاق، فإن ترجمته ستستغرق بعض الوقت ريثما يتولى كل من الفريقين ترتيب الاتفاق لدى حلفائه. لكن لا شيء ملموس حتى الآن بعد. ما إن يحصل أي اتفاق ينتخب الرئيس في غضون يومين حداً أقصى».  الاستاذ لا يكتفي بالقاء المسؤولية بل يهدد  بانه لن يقف  موقف المتفرج وحصر دوره بتحديد مواعيد الجلسات، بل سيبادر إلى التحرك، من موقع مسؤوليته رئيساً للمجلس، في محاولة لإخراج الاستحقاق من مأزقه. مع ذلك، لا يخفي قلقه من استمرار إفقاد النصاب، ما يوصل البلاد إلى  الفراغ. الاستاذ يعطي شهادة للاميركي المعني بدوره بالغاز وبغيره : ” تبلغت من الاميركيين موقفهم من الانتخابات الرئاسية، ليسوا مع مرشح ضد اخر ولا يضعون فيتو”.

الوزير الياس ابو صعب، وزير عون المرضي عنه اميركيا،  يهدىء غضب رئيس المجلس فيطلعه على مجرى اجتماع باريس. هذا لايكفي. فريد مكاري ووائل ابو فاعور يتبادلان السباب بشان بيضة القبان : جنبلاط وبري.

الاخرون كل يريد حصته من الفتات المتبقي. والانتظار سيد الساحة.

انتظار نتائج انتخابات العراق وتشكيل الحكومة وموازين القوى بين السعودية وايران خلال الاسابيع القادمة. انتظار تحولات الحرب السورية وانتخابات الرئاسة وما يليها من اتضاح موازين القوى بعد 3 حزيران. انتظار التحولات الداخلية في السعودية. ولكن الاهم هو انتظار مآل  التقارب السعودي الإيراني،، وما يمكن ان ينجم عنه  من اتفاقات في أكثر من ملف إقليمي، خاصة مع  انتهاء فترة الستة أشهر المخصصة للاتفاق المرحلي الذي وقّع بين إيران والدول الست  في 20 تموز المقبل، بما يسمح لإيران البدء بطرح الملفات الأخرى. وربما سمح عندها بحوار مباشر بين المستقبل وحزب الله. قد لاتكون الانباء التي تحدثت عن اتصالات سرية بين الاميركيين وحزب الله ببعيدة جدا عن الحقيقة، ايا تكن مستويات التواصل.

غير ان فترة الانتظار لن تكون جامدة، وانما هي الاكثر حراكا، سواء فيما يخص عقدة النفط والغاز او فيما يخص التوازن الاقليمي والدولي. فترة يبحث فيها الكبار عن توازنات مصالحهم ويبحث فيها الاخرون عن مكافآتهم.

حقيقة مؤلمة ولكنها واقعية. فبلد الارز الذي يسمح لكل ان يقول ما يريد، لا يستطيع هو ان يريد، لان ارادة كل فريق من فرقائه مرتبطة بارادة اقليمية ومن ثم دولية. لاسباب سياسية، تاريخية اضيف اليها اليوم سبب اقتصادي مصيري هو حقول الغاز المكتشفة على شواطئه.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون