اهرب من مشهدكم الطائفي كي استطيع ان استمر في ابداعي .
هكذا اجاب مارسيل خليفة من سألوه لماذا يقيم في باريس. وبعدها قدم حفلته في بيت الدين، وابدع!
هل اصبح علينا ان نهرب من هذا السرطان الذي ينتشر رغما عن كل المقاومة في جسد وطننا، كي نستمر في الحياة، كي نكون ما نحن؟
لم نقصر في المقاومة، وما من احد يستطيع القول ان مارسيل خليفة اللبناني، المسيحي، التقدمي، القومي، الفلسطيني، المبدع .. قد قصر يوما في محاولة التصدي، في العمل على تثبيت شيء اخر في المشهد الطائفي المقرف .
كان مارسيل انا، وكثيرون مثلي ومثله، وقاتلنا وما زلنا نقاتل، فهل نحن دون كيشوتات، ام نحن ديناصورات، ام نحن كهنة مجوس ما يزالون يحرسون الشعلة؟
اسئلة يكذب منا من يقول انها لم تراوده في لحظة ما، لكن الوطن يبدو وكأنه يدرك لحظة الخطر الحقيقي، لحظة التخلي او اليأس المؤدي الى السقوط فيرسل الينا بإشاراته المحيية .
مارسيل اهدى مئة وخمسين بطاقة من حفلته في بيت الدين للمخيم الصيفي للشباب القومي العربي في لبنان، ومن تلقى البطاقات في بيروت هو مركز دراسات الوحدة العربية، ومن تولى امرها هو المغربي الرائع عبدالاله بلقزيز .
ومن بيروت رأينا التونسي غسان بن جدو، وعلى شاشة الجزيرة القطرية يقدم اولئك الشباب القادمون من كل الاقطار العربية للمشاركة في المخيم المذكور .
كانوا رائعين وكان خطابهم الشاب رائعا، واعيا، منفتحا، مدركا، مسيسا، واصيلا.
تحدثوا عن كل شيء، عن العراق، عن سوريا، عن لبنان، عن العرب … وعن امريكا … عن كراهيتهم العاقلة لامريكا .
هؤلاء هم من الجيل الذي رصدت الدوائر الامريكية والغربية والصهيونية مئات الملايين من الدولارات لتدجينهم، وجعلتهم على مقدمة برنامجها لتطويع المنطقة حاضرا ومستقبلا . وبمبادرة بسيطة من الحركة القومية في بيروت – ولكونها من بيروت دلالة كبرى في هذا الظرف بالذات – اجتمعوا هنا ليقدموا ردا بليغا على الخطط الامريكية الصهيونية .
سيقال انهم قلة، وانهم نخبة، وانهم ابناء المسيسين، او هم ممن شدتهم السياسة، وان الشريحة الاخرى من الشباب هي شريحة الماكدونالدز والكوكا كولا والفراغ الفكري وفي احسن الاحوال التكنوقراط اللامبالين. ولكن يكفي ان يذكر كل منا جيله، فوجه في الجامعة كما نقول ليتذكر اننا لم نكن، نحن المناضلون القوميون الا جزءا من الجسم الشبابي، وان شباب الطرف الاخر كانوا موجودين ايضا . صحيح ان النسبة ربما تكون قد اختلفت، وان الظروف المحيطة اصبحت اصعب، لكنها طبيعة صيرورة الصراع، صراع الامم لاثبات ذاتها، صعودا وهبوطا، ومعركة مستمرة، كم هو جميل ان يكون الفن احد ادواتها . ان يستمر مارسيل خليفة في شحن الشباب لخوضها!!