كثيرا ما يطرح السؤال حول ما يجمع الاطراف اللبنانية: ما الذي يجمع ميشال عون والقوات اللبنانية بعد ان كانت حربهما الفصيل ضد الاخر هي الاقسى في تاريخ الحرب اللبنانية القذرة؟
بل ما الذي يجمع بطلي حرب الجبل، وليد جنبلاط وسمير جعجع، ما الذي غسل كل الدم المسال وكل التهجير والعذاب بين القوات اللبنانية والزعيم الدرزي؟
واذ اصف جنبلاط بالدرزي، فليس من باب الانسياق في المسميات الطائفية التي يريد الغرب تسويقها علينا، وانما من باب الاقرار بواقع حال الذي لم يترك اية علاقة بين وليد جنبلاط الابن، الدرزي ووالده كمال جنبلاط الزعيم الوطني التقدمي الاشتراكي الذي اراد تجاوز التركيبة الطائفية والاقطاعية، فنجح في ان يصبح زعيم جبهة القوى القومية والتقدمية مع بداية الحرب الاهلية.
السوريون قتلوه، يقول ابنه اليوم، ليذكرنا بمقولة جورج بوش بان صدام حسين اراد قتل ابيه، وكانه يغزو العراق كاي بدوي في العصر الجاهلي. ولا قيمة لكل استراتيجيات المجمع الصناعي العسكري، والحركة الصهيونية.
لكن دعوى جنبلاط تثير سؤالا اخر: اين كان ثار الابن ازاء سوريا منذ سنوات طويلة كان يشارك فيها في الحكم، ويبيع دم ابيه باموال وزارة المهجرين؟؟
ما الذي يجمع الحريري الى عون، وطيلة عهد حكم الاول لم يسمح للثاني بدخول البلاد؟
أهو العداء لسوريا؟ التبرم بوجودها؟ الوضع الاقتصادي الصعب؟ الحقد المكبوت على قوة حزب الله، وهو الحقد الذي لم يكن يتجرأ على التعبير عن نفسه قبل ان تهدأ فورة التحرير؟ أهو البعد عن السلطة والرغبة في العودة اليها؟
كل ذلك صحيح وموجود، لكنه يظل اقل بكثير مما يتوجب لجمع كل هؤلاء كما هم عليه الان.
ما يجمعهم لم يكن سرا منذ اشهر على الاقل، لكن وليد جنبلاط اختصره بتصريحه امس الاول.
منذ اشهر والاعلام الغربي، اميركيا واوروبيا، ينشر بالاسماء والتفاصيل مضمون الصفقة التي ناقشها ميشال عون لدى زيارته للولايات المتحدة بعد 11 ايلول: الصفقة تقول ببساطة: طالبوا لنا بالخروج السوري نطالب لكم بنزع سلاح حزب الله. وهذه المهادلة كانت قد هيأتها جمعيات مارونية تشكلت في الولايات المتحدة، مع جمعيات صهيونية، وجاء اللوبي الصهيوني في البيت الابيض والكونغرس ليبرمها مع الاطراف التي تسمي نفسها معارضة.
ميشال عون كان، كالعادة، اقل ذكاء وترك تفاصيل زيارته ومحادثاته وخطابه في لجنة صهيونية مئة في المئة، تركها تخرج الى العلن. في حين اجرى الاخرون اتصالاتهم بسرية اكبر.
لكن وليد جنبلاط القى القفاز بجملة واحدة اول امس: المطالبة بفصل المسارين اللبناني والسوري في المفاوضات مع اسرائيل، ومع ذلك تحريض ضمني على حزب الله بقوله ان امام لبنان خيارين: المفاوضات، او الحل العسكري بواسطة حزب الله.
وليد جنبلاط قال بجملة ما يوحد المعارضة، وهو ما شكل رهان الحرب الاهلية كلها: الخيار الاسرائيلي.