قبل ان تعلنها معاريف، كان السؤال المنطقي يراود اذهان الكثيرين: لماذا لا تطال العمليات الارهابية المنسوبة للقاعدة اسرائيل؟
اوليس من الغريب ان تتجه هذه العمليات الى بعض الدول العربية بحجة تعاملها مع الامريكيين واسرائيل دون ان تطال الكيان الصهيوني نفسه؟
غير ان السؤال الأكثر حيرة هو ذلك الذي يقول: من هي القاعدة؟ ومن هم الذين يوجهون عملها؟ فطالما لا توجد قيادة مركزية، ولا يوجد مسؤولون معلنون ولا توجد ادارة محددة، فان بامكان أي خمسة اشخاص في أي مكان ما من العالم ان يتجمعوا ويقولوا انهم خلية من خلايا القاعدة. ولكن الأخطر انه بامكان أي استخبارات دولة ان تخطط لعمليات ما تحقق لها اهدافا سياسية وتجمع مجموعة من الشباب الذين يحركهم الفقر او الكبت والقهر الفردي والوطني او التطرف الديني، او كلهما مجتمعة، ودفعهم الى تنفيذ عملية ما، مع تسهيل انجاحها.
هنا لا يعود السؤال المهم: من الذي نفذ؟ وانما: من الذي خطط؟ ومن الذي يحرك مسرح الدمى؟
عشرات الدراسات والتقارير تنبهت الى السؤال، ونقبت عن الحقائق والمعلومات، ووصلت الى الكثير، ولعل من اهمها الدراسات والوثائق التي اوضحت الشكوك حول 11 سبتمبر، رابطة ذلك الحدث الرهيب بالادارة الامريكية الحالية وبالموساد الاسرائيلي. وكان اخر هذه الوثائق المهمة ما صرح به محامي ضحايا برجي التجارة عن معركته المستمرة مع الاجهزة الامريكية، حيث يؤكد هو على ان لديه كل الوثائق التي تثبت تورط ادارة المحافظين الجدد في العملية، ويروي كيف تم خلع وكسر مكتبه لسرقتها، وكم من التهديدات تلقى للتوقف عن مسيرته.
بشكل مواز يأتي ما ذكرته بعض الصحف التركية، اثر احداث اسطنبول عن تورط اسرائيل في تلك العمليات، وتقديمها الدليل المفصل على ذلك، ليصرح بعدها رئيس الوزراء نفسه بان هناك دولة اجنبية تقف وراء الحادث.
وفي مثال اكثر حداثة توالت الاخبار وعبر الصحف الاسرائيلية نفسها، وعلى مواقع اسرائيلية على الانترنت عن ان وزير المالية الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي كان في لندن لحضور مؤتمر الثماني قد غير مكان اقامته في فندق يقع على مقربة من المكان الذي حصل فيه الانفجار الرئيسي وذلك بطلب من اجهزة الامن الاسرائيلية التي كانت قد ابلغت سكوتلانديارد بوقوع الاحداث قبل ساعة من حصولها.
غيض من فيض قبل ان يأتي خبر معاريف ليقول ان اسرائيل لا تقع ضمن دائرة استهداف عمليات القاعدة.
اما لماذا؟ فان بقية الخبر تقدم الجواب، اذ تقول الصحيفة الاسرائيلية ان خطة القاعدة هي استهداف العالم المسيحي.
هكذا يترسخ ويثبت مفهوم صراع الحضارات عبر ترجمته الدموية الارهابية، ويدفع العالم الغربي كله، بصفته المسيحية، الى الاصطفاف ضد العالم الاسلامي، وبالتالي الى جانب اسرائيل.
وهكذا تترسخ وتثبت مقولة طالما كانت في صلب الاستراتيجية الصهيونية، وطالما كتبنا لأجلها عشرات الكتب والمقالات، ومفادها: ان العرب لا يعادون الغرب لأجل اسرائيل وانما يعادون اسرائيل لأجل الغرب.
واذا كان السؤال الطبيعي الذي يطرح هنا: ولماذا اذن مصر او غيرها من الدول العربية؟
فثمة جوابان: الاول ان التفسير سيكون ان هذه الدول انما تستهدف لتحالفها مع الغرب.
والثاني وهو الحقيقي والاستراتيجي وهو ان رأس هذه الدول المعنية هو المطلوب لا حكوماتها. مطلوب اضعاف مصر على جميع الصعد وخاصة الاقتصادي، لانه عقدة اخيل التي تؤمن استمرار حاجتها وازمتها وتبعيتها وتفاقم جميع مشاكلها.