كرافورد

صحيفة الدستور، 21-08-2005

كرافورد اسم اذا ما ذكر ارتبط بشيء جميل في خيال الناس، خاصة اولئك المعجبين بنمط عارضة الازياء الشهيرة سيندي كرافورد.

لكنه هذه المرة قد يحمل الى العرب عامة والى السوريين خاصة صورة مقلقة ومؤذية، اذ انه اسم المزرعة التي عقد فيها الرئيس الاميركي خلوة لتقييم الوضع مع سوريا.

تقييم لا بد وان نتيجته كانت ستتجلى سلبية طالما ان سوريا هي الان في عين الصقر الاميركي ومحافظيه الجدد.

وقد جاءت كذلك، لكن قراءة متانية للبنود التبريرية التي اعتبرت ذنوب سوريا وبنى عليهاالفريق استنتاجه السلبي تقود الى جملة ملاحظات لا تحمل شيئا من الجدة لكنها انما تؤكد على امور معروفة يحاول البعض تجاهلها اويصر على تمويهها وتغطيتها بادعاءات واهية بقدر ما هي عنيدة.

البنود المذكورة اربعة اولها يتعلق بالعراق، الثاني بايران، والثالث بلبنان، غير انها – وكعادة اكثر النصوص- تتلخص في كلمات مفاتيح، رغم كثرة الكلام الوارد فيها.

البند الاول يقول: استمرار عمليات تسلل المسلحين الى العراق، ودعم دمشق للمتمردين. وفي هذه الصياغة ثلاثة مؤشرات: الاول ان تهمة دعم العراق تبدأ بمسألة تسلل المقاتلين، اما الثاني فهو ان هذه التهمة لا تقتصر على ذلك بل انها تتجاوز الى اي نوع من الدعم او ماتريد واشنطن وصفه بالدعم حيث تركت عبارة »الدور السلبي من خلال دعم المتمردين« بدون اي تحديد. بمعنى انه حتى لو اثبتت دمشق باية وسيلة انها ضبطت حدودها، وان تسلل المتطوعين قد توقف، فلن يجدي الامر شيئا.

وهنا تاتي الملاحظة الثالثة وهي لجوء التقرير الى استعمال مصطلح المتمردين لا الارهابيين. وفي هذا ما يبدو للوهلة الاولى ايجابيا، حيث ان الصفة الاولى تعني وضع المقاومة خارج توصيف الارهاب مع كل ما يترتب عليه من نتائج قانونية وسياسية.وتعني بالتالي وضع سوريا خارج دائرة رعاية الارهاب بكل ما يترتب على ذلك ايضا.

غير ان للعملة وجها اخر، اذ ان من يدخل ضمن قائمة الارهاب في العراق وفق التوصيف الدولي، هي مجموعات ضيقة ومحدودة من المقاومة العراقية، لايمكن القول بان ثمة انسجاما او تنسيقا او دعما بينها وبين سوريا التي تتناقض ايديولوجيا وتاريخيا وعمليا مع الاصولية الاسلامية المتشددة والعنيفة. تناقض لم تتوقف دمشق عن وضعه في حيز الواقع من خلال تعاونها فيما يسمى مكافحة الارهاب.

والنتيجة ان هذا التعميم الاميركي مقصود ليقول لعاصمة الامويين ان تعاونها هذا ليس محسوبا ولن يشفع لها، ومثله موقفها من التشدد الاسلامي. كذلك فان انتقائيتها في دعم المقاومة، سواء من حيث الفصائل ام من حيث نوعية الدعم الذي قد يكون سياسيا او اعلاميا بحتا، لن تشفع لها ايضا. بل ان استعمال تعبير المتمردين، يعني ان دعم الفصائل المعتدلة والعلمانية خاصة البعثية هو المرفوض من قبل الادارة الاميركية.

اما الاخرون، الارهابيون فعلا، فانهم يعطون لايديولوجية المحافظين الجدد مبررا ايديولوجيا ومعادلا موضوعيا لايديولوجيتها ولستراتيجيتها.

بذا يبدو بند الاتهام المذكور وكانه رد على ردود دمشق المتعلقة بالعراق، رد يقول بان المطلوب شيء اخر….

الجانب الآخر الذي يستحق التوقف في التقرير المذكور يتعلق بالضفة الاخرى من الحدود السورية، اي بلبنان، وذاك ما نتركه للغد.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون