كراوفورد 2

صحيفة الدستور، 22-08-2005

فيما كنا نحاول بالامس قراءة البند الاول في العناصر التي اعتمدت عليها الادارة الاميركية لتقييم اداء الحكومة السورية والخروج بنتيجة سلبية، كان المتظاهرون الاميركيون المعادون للحرب في العراق يتظاهرون امام مزرعة الرئيس الاميركي في كراوفورد.

مفارقة مصدرها كون العنصر الاول في ذنوب سوريا كما حددها اجتماع المزرعة الرئاسية، هو كما فصلنا بالامس الاستمرار في دعم المتمردين العراقيين.

اما البند الثاني في العناصر المذكورة، فهو زيارة الرئيس السوري الى طهران في الوقت الذي تمارس فيه اوروبا واميركا ضغوطا متصاعدة على طهران بسبب ملفها النووي. وقد علق البيان على هذه الزيارة بانها دليل على اخفاق دمشق في قراءة الوضع الاقليمي والحقائق السياسية الجديدة في المنطقة، وفي مخاطبة الاسرة الدولية.

قراءة متانية لكل عبارة من هذه الجملة الطويلة تقود الى جملة تساؤلات لا تبدو اجاباتها مستعصية : فالضيق من الزيارة السورية يعود الى كونه يقدم دعما لايران في وقت تريد فيه الادارة الاميركية تضييق الخناق عليها. اذن، سوريا تعيق الحصار الاميركي، ان على المقاومة العراقية او على طهران. فهل يصب ذلك في مصلحتها ام لا ؟

الجواب بسيط، اذ ان الرضا الاميركي عن دمشق مستحيل، لكن درء الخطر ليس كذلك. واول وسائل هذا الدرء، غير المباشرة هي استمرار وتصاعد المقاومة العراقية، لان الولايات المتحدة لن تكون عندها قادرة على التورط في مستنقع اخر، كما انها لن تدخل في ضرب من المراهنة المجنونة المتمثلة في فتح جبهة مقاومة تمتد من العراق الى لبنان حزب الله عبر سوريا.

اما الوسيلة الثانية فهي بقاء الحليف الايراني في موقع قوة، موقع لن تزيده القوة النووية الا ثباتا، وهنا تنسحب خطورة القوس الذي ذكرنا بحيث يمتد ليبلغ طهران. وذاك ايضا ما لن تجرؤ عليه لا واشنطن ولا اوروبا.

لذا يلجأ الجميع الى وسائل الضغط الديبلوماسي والاقتصادي والسياسي، وهنا تدور لعبة عض الاصابع بين الجميع. دون ان تكون سوريا منزوعة الاسنان تماما فيها خاصة وهي تتكاتف مع الفك الايراني واللبناني.

واذا ما تذكرنا ان ايران قد دعيت هذا العام، وقبل شهر تقريبا لحضور اجتماع مجموعة تشنغهاي بصفة مراقب، فان ذلك يؤدي الى ما يعنيه ذلك من دعم صيني روسي اسيوي، ومن دخول لعبة عض الاصابع ايضا مع مطالبة البيان الختامي للمجموعة، برحيل القوات الاميركية من اسيا. مطالبة تبلغتها كونداليزا رايس خلال زيارتهاالاخيرة لبكين. ولم يكن ذلك بدون تأثير في تليين الموقف الاميركي مع كوريا. وفي تجرؤ الايرانيين في مفاوضات الملف النووي.

اذن، زيارة الاسد لطهران تزعج واشنطن فعلا، ولكنها ليست ابدا في غير مصلحة سوريا، خاصة مع تطورات الوضع اللبناني التي جعل منها البيان العنصر الثالث او الذنب الثالث وسنتناولها غدا. لننتهي الى سؤال:

هل اصبح المطلوب رضا الاميركيين حتى ولو كان بالامكان ردعهم بوسائل اخرى؟

 

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون