من العراق الى ايران، ينتقل بيان خلوة كراوفورد الى لبنان.
ذنوب سوريا في عين الادارة الاميركية المجتمعة في المزرعة الرئاسية، والتي ناقشنا منها في المقالين السابقين البندين المتعلقين بدعم المقاومة العراقية، وبزيارة بشارالاسد الى ايران، تصل في البنود الثلاثة الاخيرة الى الملف اللبناني. لكأن في تخصيص ثلاثة بنود لهذا الملف بذاته دلالة على اهميته في الرهان السياسي الدائر في المنطقة.
واذ يبدا البيان باثارة مسالة تفصيلية بسيطة هي مسالة التضييق على الحدود، فيما وصف بالاجراءات الانتقامية، فانه لا يتاخر عن ان يصل الى مربط الفرس في القضية كلها الا وهو نزع سلاح المقاومة.
غير انه في طريقه من هذه الى تلك يعبر بمسالة اخرى هامة ايضا هي الضغوط السورية باتجاه ارغام سعد الدين الحريري على زيارة دمشق.
الاجراءات الانتقامية على الحدود لا تزعج الامريكيين لانها تؤثر على المزارع والتاجر اللبناني المسكين، لا يرد ذكر لذلك في البيان، وانما ما يزعج امكانية توصل ذلك الى دفع الحريري لزيارة ستشكل صك براءة قاطعا لدمشق من تهمة المشاركة في اغتيال والده. هذه التبرئة، ان حصلت ستقلب المعادلة السياسية التي بنى عليهاالاميركيون والاسرائليون رهانهم على التفجير في لبنان وسيضع مؤيديهم وعملاءهم من الزعماء اللبنانيين في خانة الياك كما يقال.
فما الذي سيقوله وليد جنبلاط او سمير جعجع بعد ذلك؟
وما هو اكثر اهمية من القول هو مصير مواقف هؤلاء من نزع سلاح المقاومة اللبنانية، بعد ان يصبح الحريري في المعسكر المقابل ؟ افتراض ليس بعيدا بعد ان جاءت زيارة السنيورة مقدمة لم تقصر عن افراز تاثيراتها على ساحة التعديلات المذكورة.
البيان يقول بوضوح ان المصريين والسعوديين قد تدخلوا لدى دمشق بطلب من الاميركيين لفك ازمة الحدود، لكن سوريا لم تستجب. والسوريون يردون بان المسالة ليست مجرد اجراءات انتقامية كما يصفها البيان، وانما هي في واقع الامر تحسبات امنية بعد اكتشاف متفجرات في بعض الشاحنات. غير ان العارفين المحايدين يعرفون ان القصة ليست هذا ولا ذاك، وانما هي مسالة اخطر بكثير،مسالة تثبيت تهمة الاغتيال او نفيها.
من هنا يفهم اكثر موقف الرئيس لحود وحزب الله الذي يدينه بيان كراوفورد باعتباره »صمت حلفاء سوريا«. انهم حلفاء متهمون معا ومن صالحهم التبرئة معا. براءة يبدو ان تقرير لجنة التحقيق الدولية يتجه باتجاهها، وان كان الكثير من المراقبين يعتقدون بان اللجنة ستفتح الباب ولكنها لن تجرؤ على الحسم الواضح في القضية. غموض يتوقعه معظم اللبنانيين، ويخشون ان يكون مزروعا بالغام الفتنة. وهنا تصبح لزيارة الحريري اهمية اكبر.
غير ان كل ذلك ليس الا الديكور، في حين ان الموضوع الاساسي للمسرحية هو سلاح حزب الله والمنظمات الفلسطينية.
والى الغد.