شجرة الدر علاوي

صحيفة الدستور، 15-12-2005

منذ المرحومة السلطانة  شجرة الدر لم يشهد التاريخ العربي الاسلامي – على الاقل-  كوننا لا نعرف كل تفاصيل تواريخ الامم الاخرى،  محاولة اغتيال بالقباقيب… وذلك رغم ان  معظم المواطنين العرب باتوا يتنعلون ” الحفايّات ”  بدلا من الاحذية، سواء من فعل منهم بسبب العادة والتقليد والطقس او من فعل ذلك بعل الفقر والبؤس اللذين يزحفان على جميع النسب في بلادنا بما فيها نسبة منتعلي ” الحفايات “.

وعندما  سقطت بغداد  وسقط معها بالطبع النظام الوطني الذي كان فيها، لم تكرر لنا شاشات التلفزيون  لقطة بقدر ما كررت لقطة يضرب فيها احد المواطنين صورة او تمثالا بالحذاء. دون ان يتعدى ذلك ابدا الى ضرب شخص من لحم ودم بالحذاء.

لكن وسائل الاعلام نقلت الينا امس انباء تعرض  الدكتور  اياد علاوي للضرب بالاحذية عند زيارته لمسجد الحسين، ليصرح السياسي المذكور بانه تعرض لمحاولة اغتيال. فهل لنا ان نتفاءل بان عصرا جديدا يرسل الينا بارهاصات تقول ان زمنا قادما سيضرب فيه المواطن العربي الحافي سياسييه بالاحذية ؟ وهل لنا ان نتوقع لبعض المتنطحين للقيادة، المتاجرين باوطانهم وحرياتها وكراماتها، مصيرا كمصير شجرة الدر ؟

مسكينة شجرة الدر لم تمت عقابا على اساءة امور الحكم، لا ولا على التعامل مع اعداء العرب والمسلمين، بل ان هؤلاء حققوا في عهدها اكثر من نصر على الصليبيين، كل  ذنب تلك المراة القديرة انها احبت رجلا فرفعته الى سدة السلطنة، وعندما اقصاها جانبا لينفرد بالحكم، ويتزوج عليها من اخرى، ثارت لكرامتها وقتلته، فثأرت منها زوجته الاولى وارسلت جواريها ليقتلنها بالقباقيب. لذلك لم تقلل تلك الدراما  الاغريقية الرهيبة من قيمة السلطانة الاولى والوحيدة في تاريخ الاسلام.  ولم تنل القباقيب التي  قضت على حياتها من راسها المرفوع بفعل ما حققته للامة  في حكمها. لكن رؤوسا  كثيرة ممن باعوا الوطن والكرامة والحقوق،  سواء طالتها الاحذية ام لم يصل بعد أي حذاء اليها، لن يذكرها التاريخ الا ممرغة بوحله. فهل من عرافة دلفي تقرا لهؤلاء مستقبلا قادما ينتقم فيه منهم الناس لما فعلوه بهم وبالوطن، بكراماتهم وحريتهم  وحياتهم، بالاحذية  ؟  وهل يقرا المسؤولون العراقيون الذين جاؤوا بالاحتلال الى بلادهم وما زالوا يتعاملون معه، بان خيارهم اصبح واحدا من اثنين : اما الاقامة الجبرية في المنطقة الخضراء، واما مواجهة احذية العراقيين ؟ خيار  تصبح مرارته القصوى ان الهرب من ثنائيته، ان هو الا تمادي هؤلاء المتعاونين اكثر فاكثر في قتل العراقيين  وتدمير مدنهم وقراهم.  واذا لم يكن من شان  تصريحات عبد العزيز الحكيم ضد علاوي  الا وان تثير  السخرية، فذاك لانها، وبصرف النظر عن طبيعة الصراعات السياسية الدائرة وراءها، توحي بان زعيم فيلق بدر   لا يرى نفسه اذ ينظر في مراة اياد علاوي  وهو يتلقى الاحذية، كانهما لم يكونا ابدا شريكي جريمة !…

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون