هل سيكون العجز الاقتصادي المتنامي هو طريق تراجع قوة الولايات المتحدة الاميركية؟
بالامس خرجت الانباء الاقتصادية لتقول ان الولايات المتحدة قد سجلت في شهر يناير الماضي رقما قياسيا في العجز الاقتصادي، كما لم تعرف في تاريخها. فقد اقفل العام الماضي 2004 على عجز اقتصادي بلغ مجموعه 618 مليار دولار، وكان مستوى شهر كانون الاول، اي الشهر الاخير من العام قد سجل 55،7 مليون دولار، ولم يتوقع رجال الاقتصاد الاميركي ان يزيد الرقم في العام الجديد لكنهم فوجئوا به يتنامى في شهر شباط ليبلغ 58،3 مليون دولار لتعلق الصحافة الغربية بالقول ان هذا الوضع لا يقلق الاميركيين فقط وانما يقلق اصدقاء اميركا في العالم.
قبل عدة سنوات كان روجيه غارودي يحلل وضع الامبراطورية ليخلص الى استنتاج ركز عليه في كل دراساته، الا وهو ان نهاية الامبراطورية الاميركية لن تكون نهاية عسكرية، لا ولا سياسية، وانما اقتصادية.
لم يكن غارودي الباحث الوحيد الذي توصل الى هذا التحليل، حيث ان عشرات الباحثين الاوروبيين الاخرين كانوا قد سبقوه او لحقوه الى هذا التشخيص. بل وعدد من الباحثين الاميركيين ومن ابرزهم بول كنيدي صاحب كتاب »صعود وهبوط الامبراطورية« الذي سجل رقما قياسيا في المبيعات في اميركا نفسها.
سقوط الاتحاد السوفييتي جاء بدوره ليعزز نظرية الانهيار الناتج عن الاقتصاد، فالاتحاد كان اقوى قوة نووية في العالم، وكان كذلك قوة سياسية تتربع مع اميركا على رأس هرم العالم، لكن الضعف الاقتصادي الذي دب في اوصالها ادى بها الى الانهيار.
الانتلجنسيا الاميركية لا تجهل هذا الواقع، ولذلك فانها تعتبر ان حماية الامبراطورية من الانهيار الاقتصادي لا يمكن ان تتأمن الا بدوام الهيمنة العسكرية على المناطق الحساسة في العالم، كي تتأمن المصادر الطبيعية من جهة وكي يتأمن السوق من جهة اخرى.
لكن ذلك يدخلها في حلقة مفرغة حيث ان الهيمنة العسكرية تكلفها الطائل من المبالغ، مما يرفع اعباءها الى حد يزيد من اضعافها اقتصاديا.
وهنا، في هذا السياق، تتضح اهمية الدور الذي يلعبه العرب في دعم بقاء الامبراطورية، فهم المصدر الاساسي للطاقة، وهم احدى اهم ساحات اقتصاد السوق، وهم اخيرا اهم موقع استراتيجي للهيمنة الجيوبوليتيكية.