ثلاثون مرة في اربعة وثلاثين بندا ترددت كلمة الارهاب،ليخلص مشروع القرار الفرنسي-البريطاني، المقدم الى مجلس الامن الى مطالبة سوريا بان: “تتعهد نهائيا بوقف دعمها لكل اشكال الاعمال الارهابية وكل المساعدة للجماعات الارهابية، واظهار هذا التعهد بتحركات جدية.”
فما هي كل اشكال الاعمال الارهابية؟ وما هي التحركات الجدية؟ وما هي النتائج القانونية التي يفترض ان تترتب على دمشق اذا لم لم تقم بتلك التحركات؟
الاعمال الارهابية، بتعريف الغرب، هي كل عمل مقاومة عربي يستهدف اسرائيل او المشاريع الغربية الاستعمارية في بلادنا، ويستهدف تحديدا مقاومة مشروع الهيمنة الاميركية – الاسرائيلية على الشرق الاوسط الكبير. والغرب الاوروبي بشقيه، ذاك الذي قادت بريطانيا اصطفافه وراء الولايات المتحدة، وادارتها المتماهية تماما مع الصهيونية في العدوان على العراق، وذاك الذي قادت فرنسا يومها محاولته في مقاومة هذا الاصطفاف، قد التام الان في عملية خنق سوريا، وفرض التيار المتامرك المتاسرل في لبنان.
اذ يبدو ان جماعة الشق الثاني قد ندموا، وقرروا التعويض في الموضوع السوري.
وان لم تكن كلمة الندم دقيقة في التعبير عن واقع الحال السياسي، فان الصراع بين خطين احدهما يعتبر ان مصلحة فرنسا هي في التمايز عن الولايات المتحدة، في سياستها الشرق اوسطية، انطلاقا من مبدا ارساء الاستقلالية الاوروبية، وتحقيق مصالح اوروبا في العالم على هذا الاساس، وخط ثان يعتبر ان الغرب، اميريكي واوروبي يشترك في القيم والمصالح وعليه ان يعمل بتحالف كامل ومتماه في مواجهة الاعداء المشتركين، مما يؤمن المصالح عبر اقتسام المكاسب المحصلة باي شكل من الاشكال بما فيه القوة والقهر.
عودة الى الاسئلة، المطروحة، بدءا من تحديد اشكال الارهاب، حيث ينص القرار على: “الارهاب بكل اشكاله وتجلياته” ليتركنا نتساءل: ما هي الاشكال والتجليات ؟ وهل هناك ما لا يمكن ان يدخل في نطاق هذا الكل ؟ فقد يصبح مقال صحافي او خطبة في تجمع (مسجد او كنيسة او حزب…) عملا ارهابيا، قد يصبح تصريح سياسي عملا ارهابيا، او بتحديد دقيق اي عمل لا يناسب اسرائيل والغرب. غير ان المقصود الاساسي وبالحاح كبير الان هو المقاومة العراقية لا غيرها.
صحيح ان المقاومة الفلسطينية وما اتصل بها كحزب الله هي ايضا مقصودة، خاصة بفعل علاقة سوريا الوجودية بها ، ولكن راسها كان مطلوبا منذ امد، وهي حاليا غير قادرة على تفشيل المخطط الاميركي الا اذا اقترنت بفعل المقاومة العراقية.
فهناك، على ارض الرافدين يتحدد كل شيء، بقاء الامبراطورية ونجاح مشروعها كله، او بداية النهاية.
اذن المطلوب من سوريا اليوم ليس فقط ان تكتف اليدين، ولا تدعم المقاومة، بل ان تساهم في خنقها، وبكل الوسائل بدءا من ابسط وسائل الدعم، ووصولا الى التدخل المباشر للقوات السورية العسكرية، من امن وجيش في العمليات التي تشن ضد المقاومين، مرورا بما بينهما وهنا ياتي الجواب على السؤال الثاني، المتعلق با لتحركات الجدية، فهذه هي التحركات الجدية التي على سوريا ان تقوم بها لتحلحل الحبل الذي تباهت معاريف الاسرائيلية بانه اخذ يضيق حول عنق دمشق، دون ان يفهم العرب الاخرون انه انما يضيق بذلك على عنقهم جميعا، ليصبح اشبه بذلك الحبل الذي رايناه في سجن ابوغريب، وطرفه الاخر بيد مجندة اميركية.
قهل سيتحركون في مجلس الامن، وعلى ساحة المصالح الدولية، لفك الحبل، ام انهم سيمسكون بطرفه ليعينوا المجندة العربيدة على خنقهم؟