بطريرك انطاكية وسائر المشرق!

صحيفة الدستور، 19-03-2005

ما الذي جعل خطاب البطريرك الماروني يتغير بعد لقائه الرئيس الاميركي؟

هذا اذا كان احترامنا للمرجع الديني الكبير يمنعنا من الافتراض بانه لم يغير ما يضمر وانما غير خطابه فقط ليكشف عما كان يخفيه.

قبل اقل من شهر كنا نلتقيه في باريس وكان يقول بوضوح انه ضد نزع سلاح حزب الله، وانه يطالب بالخرو ج السوري من لبنان ولكن مع الابقاء على العلاقة الخاصة في مجال السياسة الخارجية، وعندما سألته بالتحديد عما اذا كان يقصد بذلك وحدة المسارين في المفاوضات مع اسرائيل اجاب بالايجاب.

لكنه تهرب من الاجابة على سؤال حول ما اذا كان القرار 1559 ترجمة لصفقة حول راس حزب الله، بين المعارضة اللبنانية واسرائيل، صفقة قوامها: طالبوا لنا بالخروج السوري نطالب لكم بنزع سلاح حزب الله.

بالامس في واشنطن، تحدث البطريرك بلسان اخر، بمنطق اخر: قال انما من فارق كبير بين اتفاق الطائف والقرار،1559 وان المضمون يتلخص بالخروج السوري وبسط سلطة الدولة ومن ثم نزع السلاح. مما يعني عمليا، ان السوريين وقد خرجوا الان، فان الدور على الانتخابات القريبة، وبعدها يأتي استحقاق نزع سلاح الحزب.

البطريرك قال ايضا ان الحزب وقد تكفل بتحرير جنوب لبنان، فقد نفذ ذلك وتبقى مزارع شبعا التي تحل بالتفاوض بين اسرائيل وسوريا ولبنان، مما يعني ايضا ان ما يعلنه البطريرك هو ان المرحلة الرابعة التي تلي نزع سلاح المقاومة هي دخول المفاوضات مع اسرائيل. وفي هذه المفاوضات سيؤول الامر الى واحد من اثنين: اما ان تكرس لبنانية المزارع وعندها تعيدها اسرائيل الى لبنان لقاء شروط امنية ومائية وتطبيعية تجعل ما تحصله الدولة العبرية من قضية المزارع، اكبر من كل ما خسرته من تحرير الجنوب اللبناني بالنضال المسلح. واما ان تعتبر المزارع سورية وعندها لا يكون للبنان سبب لعدم توقيع المصالحة مع اسرائيل ومن ثم للتطبيع معها. وهنا يبرز السؤال: لماذا يرمي لبنان من يده ورقة المقاومة قبل دخول المفاوضات، ولا يتركها ورقة ثمينة يحصل مقابلها كل ما يريده من مكاسب. ام انها القاعدة التي اصبحت متبعة وهي تجريد المقاتل من سلاحه قبل المعركة، وتجريد المفاوض من اوراقه قبل التفاوض.

النقطة الثالثة والخطيرة التي وردت في مؤتمر البطريرك هي تلك المتعلقة بدخول القوات الاجنبية الى لبنان، حيث لم ينف ولم يؤكد، بل قال ان الخطوة الاولى هي دخول مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات، اما دخول القوات الامنية لدعم القوى الامنية اللبنانية، فهو امر متروك ( لبعدين ) على حد قول المرجع الماروني.

الـ (بعدين) هي التي تقلق، وهي التي تجعلنا نتساءل هل ان الخطاب المعتدل الذي سمعناه من البطريرك في باريس، كان يؤجل لـ (بعدي) ما قاله خطابه في واشنطن؟

وهل كانت الصفقة مكتملة وتسرب الينا حبة حبة ام ان زيارة صفير للبيت الابيض اقنعته بان الخطة الاميركية مكتملة ومحتومة فدخل الى الصف وراء وليد جنبلاط وميشال عون وامين الجميل؟ وهل هذا هو الدور التاريخي لمن يوقع باسم »بطريرك انطاكية وسائر المشرق«؟

 

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون