النموذج!!

صحيفة الدستور، 10-08-2005

لنرى كيف سيكون شكل الفدرالية العراقية لانه قد يشكل نموذجا لتشكل المنطقة كلها !

هذا ما يقوله المعلق السياسي اللبناني على تلفزيون الال بي سي، المحطة التي عادت الى قواعدها بعد التطورات الاخيرة في لبنان وخاصة بعد خروج سمير جعجع من السجن.

عادت الى قواعدها، أي عادت الى السياسة القواتية المكشوفة، نسبة الى القوات اللبنانية التي شكلت الترجمة العسكرية للسياسة اللبنانية الانعزالية الطائفية التي لم تكن فقط وراء الحرب الاهلية اللبنانية الاخيرة، وانما ايضا وراء مثيلتها المصغرة عام 1958 وما سبقها منذ 1860 وحتى اليوم.

مطلبيا تمثلت هذه السياسة خلال الحرب الاخيرة بدعوى التقسيم والكونفدرالية، تلك الدعوى التي رفضها اللبنانيون بغالبيتهم، فبدأت الحرب بين جبهتين: جبهة الاحزاب والقوى الوطنية والتقدمية المتحالفة مع المقاومة الفلسطينية من جهة، وعلى راسها كمال جنبلاط، والجبهة اللبنانية من جهة اخرى وعلى رأسها زعيمان: بيير الجميل وكميل شمعون، لم يلبثا ان ازيحا لصالح زعامة واحدة هي زعامة بشير الجميل على رأس القوات.

لا نقول ذلك من باب رواية التاريخ، بل لتذكير من عاشوا المرحلة، ولتنبيه من لم يعشها الى واقع معادلة بسيطة هي ان الحرب بدأت بين خط طائفي انعزالي، وخط قومي تقدمي شبه علماني، لتسير مجرياتها بحيث تحولت في النهاية الى حرب بين اطراف كلها طائفية وان اختلف تقييم موقفها من القضايا القومية.

اذن النموذج بدأ من لبنان، واذا كان قد حصر هناك في البعد الطائفي فلأن البعد الإثني غير موجود في البلد الصغير. لذا كان المحللون السياسيون الاستشرافيون، وفي مقدمتهم الوزير الفرنسي جان بيير شفينمان، يحذرون عام 1991 من لبننة العراق، ومن ثم العالم.

وها نحن الان نشهد لبننة مركبة في العراق، أثنية دينية طائفية وقومية، تهدد بعرقنة لبنان والعالم العربي كله.

النار اللبنانية التي اشتعلت لمدة سبعة عشر عاما ظلت محدودة، وامكن حصر امتدادها حتى الى اقرب الجيران، وفي المقدمة سوريا.

لكن الظروف الاقليمية الان مختلفة، والظروف الدولية مختلفة، والمناعة المحلية شبه مفقودة في اكثر الدول العربية، فكيف سيمكن وقف عرقنة المنطقة اذا ما نجح المخطط بدءا من الحرب الاهلية التي تدور رحاها الان على ارض الرافدين، وليس انكارها الا من باب سياسة النعامة. ووصولا الى التقسيم مرورا بالدستور العراقي الجديد؟

سؤال ينطلق من سؤال اخر مبدئي: هل كان العراق بحاجة الى دستور جديد؟

وما العيب في الدستور العراقي السابق ؟ خاصة وان ذلك الدستور كان سابقا على مرحلة صدام حسين التي ادعى الاحتلال والمتعاونون معه انهم يفعلون كل شيء لمحو اثارها.

اوليس ما يفعلونه، والحال هذه، هو محو لاثار العراق وحدة وقوة ووطنا،وتقويضا لاثار المنطقة كلها ايضا؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون