رهيب هذا التعتيم الاعلامي الذي تمارسه وسائل الاعلام العربية على المقاومة العراقية بحيث لا يتمكن المرء، حتى ولو كان متابعا، ان يحدد بوضوح مكونات حركة المقاومة. وحده ابو مصعب الزرقاوي يحتل الصورة. عنه يتحدث الجميع، من جورج بوش الى
قناة الجزيرة. لكن… هل سيكون علينا ان نشكر الاميركيين مرة واحدة في هذا العصر على ابتكارهم شيئا اسمه الانترنت؟
على شبكات الانترنت نتمكن من اكتشاف الحلقات الاخرى في المقاومة العراقية، نستطيع ان نقرا خطابا اخر غير الخطاب العنصري الطائفي الذي يتشدق به ببغاوات الاحتلال وصنائعه.
نقرا شيوخ دين وشيوخ عشائر، علماء دنيا وعلماء دين، اساتذة جامعيين وكتابا سياسيين، من جميع الاتجاهات يتبنون المقاومة خيارا، ويحذرون من الدعاوى الطائفية والعرقية، يعترف احدهم بالاخر لا على اساس المحاصصة القائمة على هذين المعيارين، وانما على اساس قبول ديمقراطي حضاري بالاخر في اطار عراق واحد هو المهدد وهو الرهان والضحية.
نقرا عن مكونات فصائل المقاومة: البعث، انصار السنة، كتائب ثورة العشرين، قاعدة الجهاد والانصار، والخلايا التي تعمل منفردة، والجيش العراقي الذي لم يعنه ان يحله المحتل كي يحل نفسه من التزامه ومسؤوليته الوطنيين.
ونسال: اوليس هؤلاء هم الديمقراطيين الحقيقيين، هم صورة العراق الذي عرف ان ينسج عبر سبعة الاف عام من التاريخ بساطه الرائع الفريد المزركش بالف لون ورسم، دون ان يكون ابدا لبنان المقتتل منذ منتصف القرن التاسع عشر؟ وهل يحتاج مجتمع كهذا الى لقطاء يعلمونه الديمقراطية التي لا تفعل الا ان تفرض على الناس والعباد عملاءها؟
ومن جهة اخرى نسال: اوليس اقتصار وسائل الاعلام على صورة الزرقاوي الا وسيلة مبرمجة بدقة لاعطاء المقاومة العراقية وجه الارهاب، ووجه الاحادية الطائفية الاصولية، بل والتخلف الاجتماعي والحضاري فيما يؤدي الى عدة نتائج : اولها اعطاء العراق صورة ذات وجهين: اما هؤلاء المتعاملين مع الاميركيين واما اولئك الارهابيين المتخلفين المتعصبين، دعاة العنف وقطع الرؤوس (كما يصورهم الاعلام) وسحب هذه الصورة الاخيرة على المقاومة مما يجعل العالم يرفضها حتى ولو لم يكن يريد الاميركيين. وثانيها ان تقدم هذه الصورة كنقيض كامل للفكرة الديمقراطية، مما يجعل البديل ايضا هو هذه الديمقراطية العرجاء المفروضة من قبل الاحتلال. وثالثها ان هذه الصورة الاصولية العمياء تقدم موازيا موضوعيا للاحزاب والمنظمات الدينية الاسرائيلية ومن حولها من المستوطنين المتطرفين، بل وتضع هؤلاء في موقع اقل خطورة وعنفا. هذا عدا عن تقديم التبرير الكامل لجرائم اسرائيل في فلسطين لان معادل المقاومة وخاصة حركتي حماس والجهاد يصبح ابو مصعب الزرقاوي.
انها مسالة في غاية الخطورة يجب ان يتنبه لها الاعلام الواعي، ويعمل على تصحيح الصورة.