المعادلة الحقيقية!!

صحيفة الدستور، 27-08-2005

صباح الخير من عمان. منذ اشهر لم اقلها لاحد، وها انا الان اعود الى ايقاع مدينتي. مررت ببيروت، مررت بدمشق، وفي عروقي تشتعل بغداد، وتنساب غزة. أيهن مدينتي؟

لا تتدخل ارجوك اخي المصحح اللغوي، لا تقل لي ان مدن جمع تكسير لاشياء ومن الاصح ان نقول ايها. مصرة انا على الـ »هن« فالمدن نساء، فيهن ما في المرأة من امومة وقدرة على الخلق. والمدن نساء فيهن ما في المرأة من قوة خفية ومن ضعف ظاهر. لكننا مدننا التي تسري وتشتعل في عروقي تصيبني بمزيج رهيب من عشق ومن خوف، من رعب ومن أمل. شريط الماضي الذي نعرف، والذي عشنا – وانا واحدة من القلة الذين عاشوا مدن الامة ولم يتحدثوا عنها في الخطب السياسية فقط – شريط نعرف كل ما فيه من ألم ومن مآس، لكن السؤال الرهيب حول مآسي القادم هو ما يلاحقنا كالسوط… ومن يلاحقنا »ليس براعي ابل ولا غنم بل بسواق على ظهر وضم«.

كيف قفزت،الى البال هذه الصورة من خطبة الحجاج ؟

هو العراق يحاصرنا، ويشتعل في الشرايين. لأن كل شيء سيتقرر من هناك.

»كل شيء بدا في سومر« قال كرومر يوما، لتصبح مقولته شعار علماء الاثار ودارسي الحضارة الانسانية، وكل شيء سيبدأ او سينتهي هناك، الان، في بلاد سومر وأكاد وبابل والعباسيين، ليس بالنسبة للعراق فحسب بل،وللعرب وللانسانية جمعاء.

هناك سيتقرر مصير المعادلة العربية الاسرائيلية :

فتات من كيانات طائفية واتنية لا يصلح أي منها لموازنة الدولة العبرية، او لمقاومة هيمنتها الكاملة على المنطقة، وتهويدها عبر السياسة والثقافة والاقتصاد، ومن ثم حكم الصهيونية،للعالم انطلاقا من هنا ؟

هيمنة اخرى للامبراطورية الاميركية، روما الجديدة،،على النفط،، وعلى العقد الستراتيجية الجيوبوليتيكية، تضمن هيمنتها على العالم ؟

ام سقوط رهان الاثنتين، على يد جبهة مقاومة لن يلبث نموها وتطورها ان يمتد الى سائر المنطقة والعالم ؟

بل وقبل ذلك الامتداد، استمرار الغرق في المستنقع العراقي، مما يلهي القوة الغاشمة ويجعل بوتين على سبيل المثال قادرا على ان يرد صفعة اوكرانيا بطرد الاميركيين من اوزبكستان، بعد تحالفه مع الصين فيما يسمى مجموعة تشنغهاي. او يجعل هوغو شافيظ قادرا على تهديد الولايات المتحدة بقطع النفط ؟

لذا يستعجلون تقسيم العراق. وبأي ثمن.

واذا بنا في قلب نهايات العصر العباسي. فرس وعرب، لا سنة ولا شيعة. رغم كل الجهد الجبار الذي بذل طوال سنتين لتصنيف العراقيين طائفيا. لجعل الجميع ينسون ان النجف وكربلاء ثارتا ودمرتا قبل الفلوجة والرمادي.

ما من شر الا ومنه خير.

وها هو الشر الاميركي الاسرائيلي العميل يعيد المعادلة الى صيغتها الصحيحة: متعاونون ومقاومون. عراقيون وعملاء، ونقطة نهاية.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون