الكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة، واحدة من الكنائس البروتستانتية. اتباعها يزيدون على خمسة ملايين.
منذ سنوات وهي تقوم بدور لافت جدا على ساحتها وعلى الساحة الدولية، لكنه دور لا يحظى بما يستحقه من اهتمام ودعم من قبلنا نحن العرب، نحن الشعوب والقوى المدنية والسياسية، ان كان املنا في الحكومات قد وصل حد امل ابليس في الجنة -كما يقولون.
على خطين رئيسيين تعمل مؤسسات هذه الكنيسة: خط دعم العدالة في فلسطين، وخط مكافحة منطق صراع الحضارات والاديان.
في المجال الاول تناقلت شبكات الانترنت في الاسبوع الماضي خبرا يقول: ان الكنيسة المشيخية قد هددت اربع شركات اميركية بمقاطعة منتجاتها ان لم تتوقف عن تزويد اسرائيل بمعدات عسكرية وتكنولوجية تساعدها على ترسيخ احتلالها للاراضي الفلسطينية .
اما الشركات موضوع التهديد فهي بالتحديد كما قال بيان الكنيسة : كاتربلر، موتوروللا، اي تي تي اند استريز، ويونايتد تكنولوجيز!!!
قبل اشهر كانت الكنيسة المذكورة قد اصدرت تعميما لاتباعها بمقاطعة البضائع الواردة من المستوطنات الاسرائيلية، باعتبارها منتجات غير مشروعة، وباعتبار ان تسويقها يساعد عملية الاستيطان غير المشروعة ايضا .
في السياق الاخر تقوم هذه الكنيسة منذ احداث 11 ايلول بنشاط حثيث للتواصل مع المنظمات والجمعيات المسلمة في الولايات المتحدة، كما تقوم بنشاطات اخرى على ساحة الدول الاسلامية، خاصة تلك المنكوبة منها كفلسطين والعراق ودول آسيا، في سبيل ايصال كلمة بسيطة هي ان الصراع الدولي ليس بين حضارة غربية مسيحية وحضارات اسلامية وانما بين سياسة اميركية محافظة متأسرلة وسياسات اخرى .
لم اقرأ عن هذه الكنيسة على الورق او الشاشات، وانما كان لي ان اشارك في برنامج مكثف من اللقاءات والمحاضرات اعد على امتداد الولايات الاميركية في الذكرى الاولى لاحداث منهاتن . ليلمس جميع المشاركين في البرنامج -وكانوا حوالي ستين شخصا من دول مختلفة- مدى الجهد الذي يبذله اناس متطوعون يمدون يدهم بقوة الى كافة الاديان والطوائف في بلادهم وفي العالم . خاصة ان كنيستهم ليست من الكنائس الثرية في اميركا، مما يجعلها منطقيا اقرب الى الديمقراطيين، وفي سياق متناقض حتما مع خط جورج بوش والمحافظين الجدد . بل ومع المجمع الصناعي العسكري الذي يمثل اللوبي المالي اليهودي في الولايات المتحدة .
لم يكن المتعاطفون مع هؤلاء قلة، وان كانوا متفاوتين في جرأتهم على التحرك والتعبير.
وقد تركوا لدينا منذ ذلك الحين سؤالا ملحا، ها هو يتجدد مع كل مبادرة جديدة من قبل هؤلاء او من يشبههم : لماذا نتجاهل كليا وجود هذه التيارات داخل المجتمعات الغربية عامة والاميركية بشكل خاص ؟ لماذا لا نفعّل معهم العمل على التأثير في الرأي العام الاميركي وصولا الى تغييره ولو ببطء تدريجي كبير، ورحلة الالف ميل تبدأ بخطوة واحدة ؟ افلا نفهم ان التأثير داخل اميركا هو مفتاح تغيير موقفها منا، وان جماعات كهذه تشكل المدخل الافضل لذلك ؟
لماذا لا نمد لها يدنا ولا نسوقها في اعلامنا ؟ لماذا لا تستقبل فضائياتنا، مثلا، الا صقور الادارة الاميركية، حتى من هو منهم غير معروف في بلاده ؟
اهو امر من قبيل الصدفة، ام اننا في النهاية نسخ من هنتنغتون نتبنى منطقه، ان لم نكن مسوقين لجماعته؟