لم تكن كوفيته هي التي احتلت المقعد هذا العام، لكن ذلك لم يمنع من القول بان رئيس منظمة التحرير انما يحضر قداس عيد الميلاد في بيت لحم وفق التقليد الذي ارساه الرئيس الراحل ياسر عرفات. لكن هل سيكون من شان هذا التقليد ان يحول دون تناقص عدد مسيحيي الاراضي المقدسة، دون استمرار وتنامي الحصار الاامني والاقتصادي الذي يحد اكثر فاكثر من عدد السياح الذين يردون المدينة في الاعياد المقدسة ، ويشكلون مصدر الحياة بالنسبة لاهاليها. وفي حين تضيق بهؤلاء سبل الحياة في فلسطين تفتح امامهم سبل الهجرة الى كل اصقاع الارض خاصة المغتربات الاميركية.لينزل عددهم الذي كان يشكل سبعة وعشرين بالمئة من عدد سكان فلسطين الى اثنين بالمئة.
هذه الخطة المبرمجة المدروسة، ان هي الا مسح للواقع الطبيعي الذي تشكله فلسطين كنموذج تعددي مثالي، لتحويله الى واقع مفتعل مختلف، احادي ديني يشبه الحالة الاسرائيلية الصهيونية، ويقدم المبرر لطابع دولة اليهود. فهذه دولة اليهود وتلك دولة المسلمين، ووجود الواحدة يعطي المبرر لوجود الثانية.
صورة لا بد لتحققها واكتمالها من تفريغ فلسطين من مسيحييها ومن اعطاء نضالها الوطني الطابع الديني الاسلامي فحسب.
واذا لم يكن ترحيل التاريخ والجغرافيا ممكنا كما ترحيل الناس، فلا باس من ان تتحول الاماكن المقدسة الى اماكن سياحية فولكلورية لا يغير وجودها شيئا في المعادلة، كما انه لا يعيق تهويد المسيحية الذي يتم في الغرب على قدم وساق، خاصة في اميركا حيث تتشكل مسيحية خاصة لا علاقة لها بالمسيحية الشرقية ولا بالكاثوليكية.
وان هي الا صيغة اخرى لليهودية تجعل الجميع في خدمة المشروع الصهيوني. بعيدا وبعيدا جدا عن قيم المسيحية الناصرية وخطها.
من هنا يكون الحفاظ على الطابع التعددي لفلسطين، الذي يقوم اساسا على الحفاظ على طابعها المسيحي الحقيقي، لا السياحي، عملا في اساس النضال الفلسطيني، بل ويتجاوزه الى اساس النضال المسيحي والاسلامي في العالم، والى مسؤولية اساسية للكنيسة الكاثوليكية والارتوذوكسية، اذا ما ارادتا الابقاء على شيء من مسيحية المسيح، واذا مااريد للنضال الفلسطيني الا يؤدي الى تثبيت الطابع اليهودي لدولة الاحتلال.