ثمن الرئيس!

صحيفة الدستور، 29-12-2004

خلال الانتخابات الرئاسية الاميركية السابقة خرجت مجلة الاكسبرس الفرنسية بعدد خاص بعنوان »ما هو ثمن الرئيس ؟« وكان المضمون يركز على دور مراكز رأس المال في تمويل الحملة الرئاسية ، مما يلغي الطبيعة الديمقراطية الحقيقية للعملية الانتخابية بدءا من ارتهان الرئيس المسبق لهذه الشركات ومصالحها التي قد لا تكون متوافقة مع مصالح الشعب ، وانتقالا الى التحوير والتمويه الذي تمارسه الحملات الاعلامية ووسائل الاعلام على المواطن الناخب. علما بان هذه الوسائل تخضع عمليا للوبيات الاقتصادية والدينية والسياسية التي تسير البلاد.واعتبر المحللون ان في ذلك يكمن جزء كبير من تفسير عدم اقبال المواطن الامريكي على صناديق الاقتراع ، اذ كانت نسبة المشاركة اقل من النصف.

لم يتغير شيء من الواقع الاقتصادي والاعلامي من حيث سيطرة مراكز النفوذ وجماعات الضغط ، كما لم يتغير دور وسائل الاعلام الذي طالما كان حاسما منذ بدايات القرن. اذ يجدر بالذكر ان الدراسات الاعلامية التي جعلت علم الميديا في العالم يسير تحت شعار————«.

قد دارت منذ البداية حول محورين : الانتخابات والحرب.

لكن ما تغير هو اقبال المواطنين المنقطع النظير على صناديق الاقتراع. فما الذي حدث ؟ وما الذي جعل المقدمات ذاتها تؤدي الى نتائج مختلفة ؟

سؤال لا يجد الاجابة عنه الا في فهم سيكولوجية الرأي العام الاميركي. فالمواطن الاميركي لا تحركه العوامل ذاتها التي تحرك الناخب في اماكن اخرى من العالم.

ان اهم ما يحرك هذا الانسان الذي اعتاد الرفاهية البعيدة عن السياسة ، واعتاد امان العزلة الجغرافية ، امران : موت ابنائه ، ورفاه معيشته. وهذان امران تزلزلهما تطورات الوضع العراقي.

لقد سكت الرأي العام عن الحرب ، لا لانه فقط ذهب ضحية خديعة ادارة بوش بخصوص التهم الموجهة الى العراق ، بل لان الخديعة الكبرى التي اصابته هي وعد هذه الادارة له بان الاحتلال سيكون اشبه بنزهة لا تهز مبدأ »صفر خسائر بشرية« (زيرو اموات) ، وبالمقابل ستعود عليه الخزنة العراقية المليئة بالنفط وبثروات اخرى بثراء اكثر ورفاه اكثر. ليكتشف مع التطورات ان الصفر يتحول الى اصفار على يمين ارقام عشرية ، اصفار مرشحة الى ان ترتفع مع استمرار النزهة الاحتلالية. وان الثروة العراقية المنهوبة لا تصب الا في خزنة هاليبورتون واخواتها.

لكن لهاليبورتون واخواتها سلطة وناخبين، وللوبي الصناعات العسكرية ناخبيه وللوبي النفطي ناخبيه وللوبي اليهودي الصهيوني واسرائيله المستفيدة الوحيدة سياسيا من الاحتلال ناخبيهما. وفي مقابلهما الاخرون.

وبذا يكون منسوب الاقبال الاميركي على الادلاء بالرأي اقتراعا مرتبطا بمنسوب اشتداد المقاومة في العراق ، ارتباطا اشبه ما يكون بارتباط الاواني المستطرقة.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون