ماذا لو جاءت قضية الملف النووي الايراني في وقت غير هذا الوقت؟
ماذا لو كان الاميركيون بدون المازق العراقي، ولو كانت اسرائيل اكثر حرية وقدرة على التحرك؟
في العام 1995 نشر بنيامين نتنياهو كتابه الشهير استئصال الارهاب، الذي ترجم الى معظم اللغات الحية في العالم لانه اعتبر بمثابة الخطة الستراتيجية لليمين الاسرائيلي بالنسبة للتعامل مع ما اراد نتنياهو وصفه بالارهاب . تعامل حدده منافس شارون في التشدد ، فيما يخص اوروبا والولايات المتحدة، ولكن بشكل خاص فيما يخص الدول العربية والاسلامية وفي مقدمتها العراق و ايران. حيث اعتبر ان ان ضرب هذين البلدين والقضاء كليا على قوتهما العسكرية، وبالطبع الاحتمال النووي، يشكل اولوية مطلقة بالنسبة للسياسة الاميركية وللامن الاسرائيلي. بل ان نتنياهو مضى الى تحديد موعد العام الفين كحد اقصى لتحقيق تلك الضربة .
وفي نهاية العام 2002 عاد فنشر تحديثا للكتاب بعد احداث 11 ايلول، التحديث كان عبارة عن خطاب القاه المنظر الاسرائيلي في الكونغرس الاميركي اثر الاحداث، ومن ثم جعله مقدمة للطبعة الجديدة (وقد نشرنا الكتاب والتحديث في حينه على حلقات في الدستور).
جاء نتنياهو الى الحكم على اساس هذا البرنامج، الذي تضمن ايضا خطته بالنسبة للسلطة الوطنية الفلسطينية. وشكل لجنة خاصة بالعراق كانت تضم بول وولفويتش وريتشارد بيرل، كما شكل لجنة اخرى للملف الايراني .
وذهب نتنياهو لياتي ايهودا باراك، ويطرح الشعار المعروف بان الخطر الحقيقي على دولة اسرائيل لا يتمثل في الانتفاضة الفلسطينية، بل انه كامن هناك في العراق وايران . وكانت هذه الرؤية احدى محرضات باراك لمحاولة ايجاد حل مع الفلسطينيين للنفرغ للملفين العراقي والايراني، ولكي يقول للاميركيين والاوروبيين : هانحن قدمنا تنازلا هنا فعليكم بتحقيق مطالبنا المتشددة هناك .
لم تنجح خطة باراك، وبذاك حمت فلسطين العراق وايران، حماية كان صدام حسين يعرف جيدا قيمتها ولذلك كان يمد الانتفاضة باسباب الدعم.
لكن احداث ايلول قلبت جميع المعادلات، وجعلت الجميع في مرمى الخطر المحدق، واعفت اسرائيل من تقديم اية تنازلات ومن أي جهد لاقناع الاميركيين بشيء، خاصة وان المحافظين الجدد الذين وصلوا الى البيت الابيض يتماهون في حقدهم وتشددهم ومصالحهم الاقتصادية الاستعمارية، تماهيا كاملا مع الصهيونية .
والان تحققت خطة نتياهو في احراق العراق، في التخلص من ياسر عرفات وقبله قيادات حماس والجهاد، قيادات الصف الاول السياسية وقيادات الصفين الثاني والثالث الميدانية . كذلك تاخذ خطته للانسحاب من غزة مجراها. وتبقى ايران ، فهل سنشهد قريبا سقوطها تحت المقصلة الاسرائيلية الاميركية؟
الجواب بسيط ، وهو ان ما يمسك المقصلة بعيدا عن العنق الايرانية، ان هو الا التشابكات التي نشات عن احتلال العراق، وعلى راسها بالطبع المقاومة التي تشل يد الاميركيين عن اية عملية اخرى، على الاقل في الوقت الراهن. ومن هنا فان أي نجاح للاحتلال في خنق هذه المقاومة يعني التفرغ للملف الايراني.