تقطع الجزيرة برنامجا وثائقيا عن المقاومة العراقية لتقدم نشرة الاخبار، وتتقابل صورتان : مجندة اميركية هي امرة القوات العراقية في سامراء تمضغ الشوينغ غام، وتضحك باستخفاف موجهة اوامرها لرجال يحملون شواربهم واسلحتهم، والوزراء العرب يوقعون في شرم الشيخ بيانا ختاميا »دون اية تعديلات« على حد تعبير وسائل الاعلام التي لن يسمح لها بان تقول من الذي كتب النص غير القابل للتعديل . لكنها تقول باسهاب ان النص جاء توفيقا بين رؤيتين : الاميركية والفرنسية . هكذا يقول الجميع دون خجل . ودون ان يسال احد : اين الرؤية العربية في الموضوع ؟
هذا الجسد العربي الممدد من المحيط الى الخليج، تحت بساطير الجنود الذين يمضغون علكتهم ، ويعلكون معها كراماتنا، ليبصقوها اذا ما جاءت لقمة ثروات ارضنا . هذا الجسد المفترض ان فيه دورة دموية ودماغا وسائر اعضاء الاجساد الحية، اما تزال فيه نسمة من حياة، تترجم بنسمة من حس ؟
سؤال لا يسري بالتاكيد على المقاومين الذين تسكننا عيونهم المفتوحة على الموت المولد للحياة، في مقابل عيوننا الحية المفتوحة على الموت..
العيون، كانت، في الفيلم المذكور رمحا قاسيا : عيون المقاتلين الملثمين الذين لا يكشفون الا عنها، وعيون المقاتل الاستشهادي الذي يقول قبل ان يضغط على زر التفجير: »اذكرونا في صلواتكم ولا تنسونا!«.
عيون كاشعة الليزر، كتلك العين التي لاحقت قايين في قصيدة فيكتور هوغو الشهيرة: هرب منها الى كل مكان، حاول ان ينقذ نفسه من نارها، في رحلة متاهات جهنمية، الى ان قاده الجنون اخيرا الى القبر، نزل فيه وامر بان يهال عليه التراب، لكن- يختم فيكتور هوغو قصيدته: »العين كانت في القبر وكانت تنظر الى قايين!!«.
اهي هذه العين من يصيب العراقيين المتعاونين مع الاحتلال الى هذا السعار الذي يحاولون به ان يهيلوا التراب على جريمتهم ؟ ام هي من يصيب الخطاب العربي الرسمي بهذه الغيبوبة الكلامية، بهذا الهذيان الذي يجعل وزيرا ينسى ان هناك 45 فصيلا عراقيا اعلنوا مقاطعتهم للانتخابات، ليقول بان الانتخابات يجب ان تمثل كل العراقيين . كما جعله يوقع على عبارة تقول بان الاميركيين لن يبقوا في العراق الى الابد، ثم يخرج للاعلام ليقول بان القوات سترحل عام 2005.
لا باقي الا وجه الله !!