لماذا تختار فضائياتنا الشخصيات الامريكية والغربية المتشددة بل والمقيتة لتبرزها ؟
لماذا تتحول هذه الشاشات الى منابر للصهاينة والمحافظين الجدد المتزمتين، الذين ينظرون الى العربي بعداء وتعال؟
اولا يصب ذلك في مصبين نهائيين : تعزيز منطق صراع الحضارات الذي لا يعزز، لا مصلحتنا ولا مصلحة المجتمعات الغربية نفسها. وارساء التطبيع مع العدو الصهيوني ورموزه خارج اسرائيل ؟
قبل اشهر كنت ضيفة على برنامج حوار مفتوح على شاشة قناة الجزيرة، حول قضية سجناء ابو غريب، وكان في مواجهتي الامريكي- الاسرائيلي : دانيال بايبس. وعلى مدى اسبوع بعدها كنت اتلقى اتصالات من الولايات المتحدة نفسها، تسألني عن سبب اختيار شخصية كهذه يمقتها الامريكيون انفسهم لتحتل الشاشات العربية. استاذة صديقة في جامعة سيراكيوس في نيويورك، هي في الوقت نفسه قسيسة في الكنيسة المشيخية ( برييسبيتاريان شيرش ) هاتفتني قائلة : انا لا افهم العربية لكي أتمكن من التعليق على مضمون المناظرة، لكنني اسالك : لماذا تختارون شخصيات كهذه ؟ هؤلاء لا يشكلون الا حفنة من الباحثين والاستراتيجيين الذين نلقبهم نحن هنا بالعصابة. وهم معروفون بايديولوجيتهم اليمينية المحافظة، برؤيتهم الخاصة للمسيحية، رؤية تهود المسيحية وتنأى بها عن مفاهيمها الاصلية لتجعلها اقرب الى الصهيونية، واكثرهم يحمل الجنسية المزدوجة. هذا في حين تزخر الجامعات ومراكز الابحاث الامريكية بالباحثين والاساتذة والمفكرين الكبار الذين يتفهمون القضايا العربية ويعارضون هذا التوجه المتزمت. فلماذا لا تعطونهم فرصة الكلام ؟ لماذا لا تقيمون معهم حوارا يقوي وضعهم. ان تقوية هذا الوضع تصب في مصلحتكم ؟
هذا الاتصال تذكره وانا اقرا بعد شهرين من ذلك ان الكنيسة المشيخية اتخذت قرارا بمقاطعة اسرائيل احتجاجا على ممارساتها في الارض المحتلة. قرار لم يجد الصدى الذي يستحقه في الاعلام العربي، بل انه لقي التجاهل شبه الكامل.
تذكرت ذلك ايضا وانا اشهد خلال اليومين الاخيرين برنامجين متتاليين الاول : الاتجاه المعاكس وهو يستضيف دانيال باييبس مرة اخرى، ويعطيه منبرا لينفث سمومه ويبدي احتقاره للعرب مشوبا بابتسامة مكر واستخفاف.
والثاني الحوار الذي اجرته الجزيرة امس مع شيمون بيريز، الثعلب العجوز القادر على تلبيس مطالب الليكود قشرة من سكر الابتسام والاعتدال الموهومين.قشرة تجعل خطابه مقبولا وسهل البلع على ملايين المشاهدين الذين تصلهم الجزيرة.
وبين البرنامجين، الاجماع شبه العام على الدور الذي لعبه خطاب اسامة بن لادن في انجاح جورج بوش.