البي بي سي تستعمل تعبير القوات التي تقودها الولايات المتحدة في حين تستعمل بعض وسائل الاعلام العربية تعبير القوات المتعددة الجنسيات، هي سياسة النعامة التي يعرف اصحابها اناها لا تغير في الامر شيئا ولا تقنع احدا، لكنها انما تؤشر الى مسألة سيكولوجية مهمة وهي احساس الخزي والذنب الذي يعيشه العرب الذين لا يتجرأون على ادانة الاحتلال الامريكي فيحاولون التستر امام انفسهم لا امام الاخرين.
كما انها تمثل من جانب اخر تقليد قديم يبدو ان الاعلام العربي مصر على عدم التخلي عنه وهو الكذب الذي لا يهتم بما اذا كان قادرا على اقناع الناس. عملا بشعار غوبلز الشهير: اكذب، اكذب حتى تصدق نفسك ويصدقك الاخرون. لكن واقع الامر ان الزمن قد تجاوز هذه القاعدة لان ثورة الاتصالات قد وضعت العالم في سياق اخر تماما. سياق يقدم للمتلقي مئات الوسائل المتعددة لمتابعة المعلومة وتقصيها، فما لا يقدمه الراديو تقدمه الفضائيات وما لا تقدمه الفضائيات يقدمه الانترنت واخيرا الهاتف الجوال.
مثال بسيط على ذلك تمثل مؤخراً في اذاعة الفضائيات لاشرطة صورت بها المقاومة العراقية عملياتها، ففي البدء رفضت المحطات نشر هذه الاشرطة، فلجأت المنظمات المعنية بنشر ذلك على الانترنت، وكانت النتيجة ان انصاعت الفضائيات ولو جزئيا للنشر.
لكن، هل يمكن للاعلام العربي ان يكون صادقا عندما تكون الجهات التي تقف وراءه، من حكومات وجهات خاصة كاذبة ومرتهنة؟
علماً بأن القول بجهات خاصة هو من باب المجاز، لان الملكية التي تسمى خاصة انما تعود في نهاية المطاف الى مراكز قوى في الاسر الحاكمة العربية تودي بالتالي الى الشركات الاعلامية المتعددة الجنسيات المتمركزة في اميركا او بريطانيا او استراليا، وهي في مجملها شركات تقوم على خدمة قضيتين: اقتصاد السوق والصهيونية.
ليصبح اعلامنا الذي كان حتى الامس حكراً على الحكومات الكاذبة القامعة، اعلاما موزعا بينها وبين القطاع الخاص الخادم للهدفين المذكورين.
ستائر قاتمة يحاول الجميع اسدالها على وعي المواطن العربي، على حسه بواقعه، بتاريخه، وبقضاياه، لكنها لن تنجح في ذلك رغم كل شيء لأن الواقع المشتعل يدب في اطرافها ويحولها الى فحم ورماد.