هل جاء قرار مجلس الامن تخفيفا عن سوريا ام تشديدا للضغط عليها؟
الصيغة ، عدم ذكر الاسم ، تمديد مهلة المراجعة ، هل تعني كلها ان اللهجة قد خففت لاعطاء دمشق مزيدا من القدرة على التنفس ، ام انها مجرد شكليات تم القبول بها كي يمر القرار بالاجماع ، دون ان يعترض عليه المندوب العربي والمندوب الاسلامي ( الباكستاني ) في المجلس؟ اوليس لهذا الاجماع ان يصبح اداة ضغط اضافية في يد خصوم سوريا خاصة في لبنان؟
الرئيس اللبناني السابق الكتائبي، امين الجميل، لم يتاخر لحظة في الجوء الى هذا التوظيف ، اذ علق من على قناة الجزيرة مساء امس ان الاجماع الذي يعني عدم اعتراض المندوبين المذكورين يعني ان الدول العربية والاسلامية مجمعة على الضغط على سوريا للانسحاب من لبنان . لكن الرئيس نفسه اصر على التاكيد بان سوريا لم تدخل لبنان بطلب من الحكومة اللبنانية بل وبمبادرة ذاتية مستندا الى جملة مقتطعة من خطاب الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد.
غير ان الذين عايشوا الحرب ومجرياتها يعرفون ان من طلب القوات السورية قد لا يكون الحكومة و بالمعنى الدقيق، لكنه كان الطرف الماروني في الحكومة وخارجها ، وتحديدا ما كان يسمى بالجبهة اللبنانية ، ويضم الكتائب والاحرار وحراس الارز والمردة. هؤلاء الاخرين كانوا جماعة سليمان فرنجية الذي كان رئيسا للجمهورية .
الكل يعرف ايضا ان سوريا لم تدخل الا لتحميهم، اذ كانت القوات المشتركة المؤلفة من جبهة الاحزاب والقوى التقدمية اللبنانية برئاسة كمال جنبلاط، والمقاومة الفلسطينية، على قاب قوسين وربما اقل من القضاء نهائيا على الجيب المتمثل في المنطقة الشرقية.
من منا نحن جيل الحرب لا يذكر كم من مرة حالت القوات السورية وبالقوة دون وصول القوات المستركة الى بيت الكتائب في بيروت، ووقف تقدمها على مسافة امتار قليلة منه؟
من منا نحن الذين عايشنا معركة الجبل لا يذكر كيف كانت القوات السورية تمنع اجتياح بكفيا معقل بيار الجميل واولاده، وتحديدا كيف كانت تهدد القوات المشتركة المتمركزة في المتن بقصفها بالمدفعية اذا ما تقدمت باتجاه بكفيا؟
انا شخصيا لا انسى غسان الديك قائد جبهة المتن وهو يصر باسنانه حرقة يوم اضطر الى التراجع عن قرار التقدم الى بكفيا تحت تهديد القوات السورية المذكور: ” لو تركونا لانتهينا من هذا الجيب الانعزالي وانهينا هذه الحرب خلال يومين.”
بعد الاجتياح انتقل غسان الديك الى العمل على تنظيم المقاومة في الجنوب ، وعندما وضع له الاسرائيليون حقيبة ملغومة في محله، تباطأ الجميع في اسعافه الى ان لحق شهيدا بابيه .
لم استطع الا وان اتذكر كل ذلك امس وانا اسمع مذيع الجزيرة يقول ان امين الجميل يتحدث من بكفيا!
لولا السوريين لما كان الجميل في بكفيا ولولا الاسرائيليين لما كان لقبه الرئيس السابق، ولولا الاميركيين لما كان له ان يهاجم سوريا من بكفيا!