مسألة كرامة!!

صحيفة الدستور، 13-10-2004

لماذا لم نسمع بها الا الان؟

لماذا لم تثر حولها الضجة التي تستحقها؟

الازمة التي كانت عالقة بين الازهر الشريف والسفارة الاميركية في القاهرة منذ العام الماضي ، لم تثر في وسائل الاعلام الا على استحياء ، ولم نسمع بها صراحة الا بعد ان ” حلت” هذا العام.

السفارة رفضت في العام الماضي وقبل شهر رمضان منح تأشيرات سفر للائمة وحفظة قرآن ، كي يذهبوا لاحياء الشهر الفضيل في الولايات المتحدة الاميركية . الى هنا والامر يبدو مزعجا ولكن دون ان يتعدى هذا الحد . بل ان سؤالا قد يكون مقبولا وهو : لماذا يذهب هؤلاء الى الولايات المتحدة؟ اوليس بين ملايين المسلمين هناك من هو قادر على التفقه بامور الدين؟

ثم اذا كنا نعترض باستمرار على ارسال المبشرين الاجانب الى بلاد ما فلماذا نعطي مجيئهم مبررا بارسال ما يشبههم من عندنا؟

غير ان الامر يتعدى هذا الجدل العادي عندما تحمل اليك الانباء امرين غرائبيين ، وعلى لسان مسؤولي الازهر انفسهم :

الاول ان الوقاحة وصلت باحدى مسؤولي السفارة الاميركية في القاهرة ، وتدعى آن سيريت ، ان طلبت ان تمتحن هي المرشحين في حفظهم للقرآن كي تتاكد من كفاءتهم ومن صفتهم.

هذا في العام الماضي.

اما هذا العام وبعد ان حلت الازمة فقد طلب السفير الاميركي دعاة باسمهم لقناعته بغزارة علمهم وتفقههم بالدين ، على حد تعبيره .

لست اسلامية ولست مسلمة ، لكنني اشهد بانني شعرت بالقشعريرة وانا اقرأ هذا الخبر .

فالى أي درك من انعدام الكرامة وصلت بنا الامور؟

كيف لا تطلب حكومة مصر من الاميركيين سحب هذه المرأة الديبلوماسية التي لم تتجاوز قواعد الديبلوماسية فحسب بل وتجرات على ما لا يتجرأ عليه سيد ازاء عبد.

وهل في سلم القيم المؤسساتية الدينية للعرب وللمسلمين ما يعلو على الازهر؟ فكيف وهو يتحول الى متهم بالعجز والكذب ، وذاك ما هو مضمون طلب سيريت هذه؟

وهو مضمون لم يختلف كثيرا في تدخل السفير هذا العام ، وان بدرجة اقل من الوقاحة ، في اختيار الموفدين؟

الن يصبح من الممكن بعدها ان يطلب هنتنغتون مثلا مراجعة ابي حنيفة لتقييم اعماله واعادة طباعتها؟

او ان تطلب كونداليزا رايس فتح باب الجرح والتعديل على الاحاديث النبوية الشريفة؟ او ان يتفرغ رامسفيلد مثلا عند التقاعد لاعادة تقييم سيبويه؟

المسألة ليست مسألة دين ، بل مسألة كرامة ، وكرامة امة لا تعريف لحضارتها بدون الاسلام . كرامة لا يجوز للذين اعمى عيونهم الوحل ان يجروها معهم اليه.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون