بانتظار اوروبا!

صحيفة الدستور، 13-10-2004

كان على نشطاء تركيا ان ينتظروا لهفة بلادهم على الدخول الى النادي الاوروبي كي يتمكنوا من اعلان تنظيم يرفع شعار الحرية والديمقراطية للاكراد ولسائر البلاد.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل كانت ليلى زادة لتلقى اهتمام وسائل الاعلام العالمية والعربية لولا انها مرتبطة بشكل او باخر بالغرب؟

هل كانت النائبة الكردية هي اول من نشط وناضل لاجل حقوق الاكراد ؟ ولماذا لم يلق من سبقها من المناضلين وعلى راسهم السجين عبد الله اوغلان دعم الغرب المهتم بحقوق الانسان والديمقراطية؟ الم يكن مصير اولئك الموت المرير والسقوط في مؤامرة دولية تفضي الى السجن المؤبد؟ السجن المؤبد الذي يأتي حلوله محل الاعدام قمة الرحمة التي حملها الحلم التركي الاوروبي لاوغلان. فالمجموعة الاوروبية طلبت من تركيا الغاء عقوبة الاعدام بشكل عام فطال الالغاء الزعيم المعتقل، لكن صوتا واحدا لم يرتفع ليطالب له بالحرية. ذاك ان احدا لا يريد الحرية لرجل مناضل ثوري قاتل يوما اسرائيل بتشدد لم يبلغه الكثيرون من »المناضلين« العرب.وذلك ما لا يتماشى لا مع اوربة تركيا ولا مع روح العصر.

وعليه كان لابد من ان يوجد للاكراد صوت جديد، زعيم جديد، رمز جديد يقودهم في طريق اخر غير طريق حزب العمال، دون ان يمنع ذلك من تشكيل ضغط على تركيا الحالمة بالاوربة.

في نقلة اسقاط على واقعنا العربي يبرز اكثر من سؤال يتجه الى المستقبل، رغم اننا غير مرشحين لبنوة اوروبا. واولها اسئلة تتعلق بالرموز التي ستفرزها لنا المراحل القادمة، وبطبيعة هذه الرموز وارتباطاتها الغربية. وثانيها يتعلق بنظرة حائرة الى الانظمة العربية القائمة تسألها بالحاح: اي ضغط خارجي هو الذي تنتظرونه لتقبلوا بتحرك ديمقراطي يكرس حقوق الانسان في هذا المحيط العربي البائس؟

غير ان الواقع المر الذي يفرض نفسه امام هذه الاسئلة هو ان بيد انظمتنا دائما اوراقا تستطيع ان تقايض بها على مطلب الاصلاح والديمقراطية وفي مقدمتها ورقة فلسطين، فكلما احتاج الامر الى تنازلات اكبر في الموضوع الفلسطيني قام الغرب بالتلويح بسيف الاصلاحات فاسرعت الانظمة الى تقديم المطلوب مهما بلغت قيمته من التعري. لتسقط المزيد من الحقوق ويؤجل المزيد من الاصلاح، وليتم التستر على ذلك كله بعملية تجميل وطبقات من المساحيق الكاذبة.

الان وقد اضيفت الى الورقة الفلسطينية الورقة العراقية، مع ما عداهما من الاوراق الاخرى الاقتصادية والسياسية والنضالية، فان هذه المقايضة ليست ببعيدة ايضا عن السياق التركي، وحتى الكردي. حيث المطلوب من تركيا ان تتخذ مواقف محددة من القضية العراقية، ومن القضايا العربية، وان تشكل جسر اوروبا الى الدولة العبرية، بحيث يعتبر المراقبون السياسيون استراتيجيون في الغرب ان ضم تركيا ليس الا مقدمة لضم اسرائيل.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون