للمرة الثالثة خلال اشهر قليلة تقع اسطوانة اللاسامية ارضا وتنشرخ في فرنسا.
لكن الجالية العربية المستهدفة اصلا بحملة التشويه هذه لا تعرف ان تستغل انكشاف الاكذوبة. حريق المركز الثقافي اليهودي في باريس الذي اقام الدنيا واقعدها، واستغله سيلفان شالوم خلال زيارته لباريس، فقام بزيارة المركز جارا وراءه المسؤولين الفرنسيين، تبين انه قصة مفتعلة وان من قام به هو حارس المركز نفسه.
اما اختيار موقع المركز في الدائرة الحادية عشرة فامر واضح لمن يعرف باريس، حيث ان هذه الدائرة ذاتها تسكنها غالبية من العرب واليهود.. شالوم اطلق تصريحاته النارية الصلفة متهما فرنسا باللاسامية.
ورئيس الوزراء الفرنسي اسرع كالعادة يلعلع بالادانة والشجب، والاعلام الفرنسي ضج بالقضية ليستغلها، كالعادة، في عملية طرق يومي محموم على قصة تصاعد اللاسامية في فرنسا، في عملية غسل دماغ مبرمجة.
المهم الا يتوقف الطرق على هذا المسمار حتى يصل الى قاع دماغ الانسان الفرنسي والعربي الموجود هنا، طرقا يجعل الجميع ضحايا احساس معمق بالذنب يقفون حائرين في كيفية التعويض عنه لهؤلاء اليهود “المساكين”.
وبعد كل تلك الضجة تنكشف الحقيقة فاذا الذي احرق المركز حارسه اليهودي. ليتحدث الاعلام عن ذلك يوما واحدا وتنتهي القضية. تماما كما حصل قبل شهر عندما انكشف كذب المراة التي ادعت ان شبابا عربا وسودا هاجموها في محطة المترو مفترضين انها يهودية.
وانتهت القصة ايضا باعتذارها للشعب الفرنسي من على شاشة التلفزيون.
قبلها ايضا قامت الضجة على طعن يهودي لينكشف الامر على انه انما طعن نفسه.
مثلها ايضا حاثة الاعتداء على مجموعة من الشباب، قيل انها ذات طابع لاسامي ليتبين فيما بعد ان واحدا فقط من الشباب العشرة الذين تعرضوا للاعتداء هو يهودي. الجهات التي تقف وراء تلفيق هذه الاعمال تعرف جيدا ان من الممكن انكشاف بعضها، لكن الغاية المقصودة تكون قد تحققت، وهي استمرار تغذية الحديث عن اللاسامية، استمرار حشر المواطن الفرنسي والطبقة السياسية الفرنسية في دائرة الاتهام، ودائرة الاحساس بواجب التعويض و قبول كل ما يصدر عن اليهود من تجاوزات، وبالتالي قبول ما تقوم به اسرائيل على اساس انها دولة هؤلاء المضطهدين المعرضين دائما للاعتداء. كذلك يبرز هدف حث اليهود انفسهم على الهجرة، وذاك ما دعا اليه شارون صراحة.
من جهة اخرى ثمة هدفان اخران الاول يتعلق بالعرب المقيمين في فرنسا او الفرنسيين من اصول عربية والثاني يتعلق بالانتخابات الفرنسية المقبلة التي يدفع اللوبي اليهودي بقوة في اتجاه ترشيح يهوديين لها واحد عن اليمين واخر عن اليسار، حتى اذا لم تنجح الخطة بالنسبة للاثنين تنجح بالنسبة لواحد على الاقل، ولاجل ذلك يجب الا يجرؤ احد على الاعتراض على يهودية المرشح.
في هذا السياق يكون الخوف من تهمة اللاسامية ضمانة مثلى، وتكون تهيئة الاجواء حتى بالاكاذيب امرا مبرمجا.
المهم الان، وبعد ان وقف العالم العربي، واسلاميوه خاصة هذه الوقفة غير المسبوقة، في قضية الصحفيين الفرنسيين المخطوفين في العراق، فالمطلوب وبالحاح ان يستغل الظرف لمطالبة اخرى بوقف تشويه وجه العرب والمسلمين في فرنسا، وبان يتم التشدد اكثر في الجانب القانوني المتعلق بعقوبة الكذب في هذا المجال، بالحد من الاثارة الاعلامية في هذا المجال، وبمنع الحديث في اية احداث قبل التاكد القانوني من حصولها.
اعطينا فرنسا وقفة تضامن تثمينا لموقفها من قضايانا على الساحة الدولية، فلنطالبها بوقفة تضامن مع الحقيقة على الصعيد الداخلي.