ككل يوم ابدا نهاري بقراءة الصحف، لانتقل بعدها الى كتابة زاويتي.
هذا الصباح ثمة مفارقة غريبة: منذ ساعة وانا احاول تحويل الجهاز الى اللغة العربية، بكبسة زر بسيطة كالعادة، لكنه يأبى. مرارا حاولت ان اطفئه بالكامل واعود الى التشغيل لكن عبثا.
وها هو اخيرا ينصاع، بعد جهد كبير.
لكانه، حتى هو، الالة الصماء، يستنكف عن الكتابة امام واقعنا العربي المر والمخزي، فما الذي حمله الي هذا الصباح، وما الذي ساكتبه؟
مهزلة مؤتمر الحزب الحاكم في مصر؟ الرفض الحاسم لالغاء حالة الطوارىء، وربط استقرار بلاد تعد ما يقترب من المئة مليون شخص، برجل واحد عجوز يشكل جسده موسوعة من الامراض ؟ ولماذا ؟ كي يتهيأ الوقت الكافي لانتقال السلطة الى ابنه.
ام اكتب عن ماساة البطالة والفقر والتردي في بلاد النيل التي لم يعد خيرها الا لنخبة صغيرة من المستثمرين ورجال الاعمال والسياسيين الذين لا ينفصلون عن هؤلاء. في حين تعيش العامة في فقر مدقع؟
هل اكتب عن وزراء خارجياتنا المتحلقين حول شالوم في الامم المتحدة، في حين تتحلق دباباته وقذائقه حول اعناق مدننا واطفالنا وبيوتنا في فلسطين؟
هل اكتب عن »الصدفة !!« التي جمعت اياد علاوي بالوزير الاسرائيلي في المنظمة الدولية، وكأن احدا منا يجهل ان كل عملية الاحتلال في العراق مربوطة باسرائيل؟
او كأن هناك المثيرين ممن لم يقرأوا بيانات رابطة الدفاع اليهودية على الانترنت منذ غداة الاحتلال، تلك البيانات التي تحيي من تسميهم »صناع الحرية« من عملائها، وتطالبهم بتنفيذ الاتفاقات المبرمة لقاء دعمهم للقضاء على صدام حسين، وفي اخر صيغها تعتب عليهم لانهم يترددون في اعلان علاقتهم بتل ابيب وارتباطهم بها، وتستعجلهم في ذلك.
هل اكتب عن حال لبنان، عن دارفور؟
تبا لهذه الخارطة العربية الملصقة فوق جدار مكتبي، وليس فيها بقعة لضوء يترك لي مجالا لان اجد كلماتي.